241

فتح مبین

الفتح المبين بشرح الأربعين

ناشر

دار المنهاج

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

محل انتشار

جدة - المملكة العربية السعودية

ژانرها

يحملانه عادةً على الحرام المحض (١)، ومن ثَمَّ قيل: الصغيرة تجرُّ للكبيرة، وهي تجر للكفر، وهو معنى قول السلف -وقيل: إنه حديث-: (المعاصي بريد الكفر) (٢)، المؤيد بقوله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.
وبرواية "الصحيحين" في هذا الحديث: "ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم. . أوشَكَ أن يواقع ما استبان" (٣) أي: الحرام الذي ظهر.
وبرواية غيرهما: "ومن يخالط الريبة. . يوشك أن يجسر على الحرام المحض" (٤) والجَسور: المقدام الذي لا يهاب شيئًا، ولا يراقب أحدًا.
وفي بعض المراسيل: "من يرعى بجانب الحرام. . يوشك أن يخالطه، ومن تهاون بالمحقرات. . يوشك أن تخالطه الكبائر" (٥).
ثم ضرب ﷺ مثلًا لمحارم اللَّه فيه أحسن التنبيه، وآكد التحذير، وأصله: أن ملوك العرب كانوا يحمون مراعيَ لمواشيهم، ويتوعَّدون من دخلها بالعقوبة، فيَبْعُد الناس عنها؛ خوفًا من تلك العقوبة، فقال: (كالراعي) أصله: الحافظ لغيره، ومنه قيل للوالي: راعي، وللعامة: رعية، وللزوجة والقِنِّ: راعيان في مال الزوج والسيد، ونحو ذلك، ثم خُصَّ عرفًا بحافظ الحيوان كما هنا.
(يرعى حول الحمى) أي: المحمي؛ وهو: المحظور على غير مالكه (٦).
(يوشِك) بكسر الشين مضارع أوشك بفتحها، وهو من أفعال المقاربة، ومعناها

(١) في بعض النسخ: (يوجب تساهلًا وجرأة يحملانه عادة على الجرأة على الحرام).
(٢) أخرجه البيهقي في "الشعب" (٦٨٣١)، وأبو نعيم في "الحلية" (١٠/ ٢٢٩) عن أبي حفص النيسابوري ﵀ من كلامه.
(٣) صحيح البخاري (٢٠٥١) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٢٦٤) وعزاه للبخاري ومسلم، وقال: (وأخرجه مسلم من وجه آخر عن أبي فروة) وهو رواية ذكر مسلم السند فيها فقط بحد الحديث (١٥٩٩)، كلهم أخرجه عن سيدنا النعمان بن بشير ﵄.
(٤) أخرجه أبو داوود (٣٣٢٩)، والنسائي (٧/ ٢٤١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٣٣٤) عن سيدنا النعمان بن بشير ﵄ بنحوه.
(٥) عزاه الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه اللَّه تعالى في "جامع العلوم والحكم" (١/ ٢٠٥) إلى "مراسيل أبي المتوكل الناجي".
(٦) قوله: (على غير مالكه) بأن يمنع الإمام أو نائبه من رَعْيِ مكانٍ لأجل مواشي الصدقة أو خيل المجاهدين. اهـ هامش (غ)

1 / 245