فإن قلت: ومن أين أعلم أن النظر يوصل إلى العلم. قلت: لأن العقلاء يوعون إليه عند التباس الأمور عليهم، قوله: (من الأجسام والحيوانات والجمادات) يبين المصنوعات الدالة عليه تعالى قوله (التي لم تحل من الأعراض المحدثات) بين كيفية دلالة الأجسام عليه، وهذا مذهبنا أعني أن في الأجسام أعراض هي غيرها، وأن الأجسام لم يحل فيها وخالف في ذلك طائفة من الفلاسفة فأنكرها طائفة منهم، وهشام بن الحكم، وحفص الفرد، والأصم من النواصب( )، وقالوا: لا شيء زائد على الجسم، والدليل على بطلان مذهبهم أنا وجدنا في الأجسام متفقة في الجسمية ومفترقه، فمنها متحرك ومنها ساكن، ومنها مجتمع ومنها مفترق، فيجب أن يكون ما افترقت منه غير ما اشتركت فيه، وإلا كانت مفترقة مشتركة في حالة واحدة، وذلك لا يصح.
الدليل الثاني:
ما ناظر به أبو الهذيل(1) بعض بغاة الأعراض قال له أبو الهذيل كم حد الزاني؟ قال: مائة جلدة. قال: فالقاذف؟ قال ثمانون. قال: كم بينهما؟ قال: عشرون. قال فما العشرون الجالد أم المجلود أم الصود؟ قال:لا أحدها قال: فما هي؟ قال لا شيء. قال: فكأنك تقول مائة لا شيء يزيد على مائتي لا شيء تعريف لا شيء ما يقطع فثبت بهذين الدليلين ثبوت أمور زائدة على الجسم.
صفحه ۱۰