قلت: تبطله المناقضة لأنا لا نطلق لفظ الجسم إلا على الطويل والعريض العميق بدليل أنه لا يقال هذا جسم وليس بطويل ولا عريض ولا عميق ولا العكس، فإن قالوا أنه جسم لا كالأجسام.
قلنا: لا يطلق هذا اللفظ إلا على ما عرفنا أنه على هذه الصفة ثم سلمنا لكم ذلك لكن هذا اللفظ يوهم الخطأ وهو الجسمية المعروفة، ولم ترد إذا بذلك فمنعه ثم سلمنا جوزاه وأن أفهم فيسموه إنسانا لا كالناس.
المسألة التاسعة:
قوله "غني لا تجوز عليه الحاجات" (1) حقيقة الغني والحي: الذي ليس بمحتاج أما أن الله تعالى حي فقد تقدم، وأما أنه ليس بمحتاج فدليله كما ينزهه عن الشهوات والنفرات ومعنى ذلك: أن الحاجة لا تجوز إلا على من جازت عليه الشهوة والنفرة، وهما لا يجوزان عليه دليل ذلك أن حقيقة الحاجة: هي الدواعي الداعية إلى جلب منفعة أو دفع مضرة والمضرة والمنفعة لا تجوزان إلا على ذي الشهوة والنفرة لأن المنفعة هي اللذة والسرور وما أدى إليهما.
والمضرة هي الألم والغم وما أدى إليهما والمعلوم أن اللذة والسرور والألم والغم لا تجوز إلا على من جازت عليه الشهوة والنفرة، فإن قلت: قد ثبت من هذا أن الحاجة لا تجوز إلا على من جازت عليه الشهوة والنفرة فما الدليل على أنه ليس بمشتهي ولا نافر؟.
صفحه ۳۲