المسألة الثامنة:
قوله: (لا يشبهه شيء من المحدثات) هذا مذهبنا وحسمت الحشوية وأثبتوا له تعالى الله عما يقولون وكذلك الكرامية إلا أنهم قالوا ليس بطويل ولا عريض ولا عميق والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قوله: وإلا ما شاركناه في سائر الصفات أي وإن لم يصح قولنا لا يشبهه شيء من المحدثات وجوزنا أن شبهها ما يشاركنا في سائر صفاتنا التي تقدمت؛ لأن من حق المثلين أن يشتركا فيما يجب ويجوز ويستحيل ما يكون وجوبه وجوزاه راجعان إلى الذات، فكان يشاركنا في التحيز وفي الحدوث وفي استحالة القدم، وقد قدمنا ما يدل على العكس وكذلك له أشبه العرض لجاز عليه العدم والحلول، وذلك لا يصح.
فإن قلت: وبما يثبت أن من حق المثلين أن لا يختلفا في سائر الصفات.
قلت: لأنهما لا يكونان مثلين إلا بالاشتراك بصفة ذاتية، ولو جوزنا اشتراك شيء في صفة ذاتية واختلافهما في صفتين لهما ذاتيتين جوزنا أن يكون ذلك الشيئين في حالة من الأحوال موجودين معدومين وتجويز المحال محال، مثال ذلك أن يحصل في جسم سوادان أحدهما حركة والأخر حموضة، فإذا قدر ناظروا ضدهما عليهما بناهما من حيث كونهما يتوادان ولم يتفهما من حيث كونهما حركة وحموضة فيكونان معدومين موجودين، وكونه هذا محال فإن قلت: قد بطل مذهب الحشوية فما يبطل مذهب الكرامية؟.
صفحه ۳۱