قلت: ما يعلمه في الشاهد فإن العرب سمت الكاتب عالما لما صح منه من الفعل المحكم ما يعذر على الأمي، ولم يسمى الأمي عالما لما لم يصح منه الكتابة، والباري تعالى قد صح منه من الأحكام ما تعذر على الغير فوجب أن نسميه عالما. فإن قلت: وما يؤمنك أنه تعالى أوجد العالم محتذيا أو مقتديا؟.
قلت: الذي أوجد المحتذى به والمقتدي أحكمهما محتذيا أو مقتديا أم لا.
فإن قلت محتذيا سألناك أيضا عن الأول فتسلسل وهو محال!! وإن قلت: مقتديا قلنا اقتصر على المحقق المعلوم [6أ-أ].
المسألة الخامسة:
قوله (حيا موجودا) حقيقة الحي: هو المختص بصفة لكونه عليها يصح أن يقدر ويعلم وتوضيحها كتوضيح ما قبلها وثبت الخلاف فيها أيضا.
أعني أن البهاشمة (1) يجعلون كونه حيا صفة زائدة على جملة الحي في الشاهد وعلى ذاته في الغائب ولأجلها صحة القدرة والعلم فيهما والملاحمية وتابعوهم زعموا أن المرجع بقولنا حي في الشاهد إلى البينة المخصوصة من اللحمية والدمية (2) وفي الغائب إلى ذاته المخصوصة بمعنى لا يسهل أن يقدر ويعلم ولم يثبتوا أمرا زائدا على الذات في الجميع والحق ما ذهب إليه البهاشمة؛ لأنا نقول فلم صح من الباري تعالى أن يقدر ويعلم لذاته المخصوصة المخالفة لسائر الذوات، فنقول: هل هي مخصوصة بأمر زائد على كونها ذاتا فهو قولنا.
صفحه ۲۳