ويرتب لها خلفاء وامراه من عند نفسه. وبهذا وذاك خسرت الزهراء أقدس النبوات والابوات، وأخلد الرئاسات والزعا مات بين عشية وضحاها، فبعثها نفسها المطوقة بآفاق من الحزن والأسف إلى المعركة ومجالاتها، ومباشرة الثورة والأستمرار عليها. والحقيقة التي لا شك فيها أن أحدا ممن يوافقها على مبدئها ونهضتها لم يكن ليمكنه أن يقف موقفها، ويستبسل استبسالها في الجهاد إلا وأن يكون أكلة باردة، وطعمة رخصيصة للسطات الحاكمة التي كانت قد بلغت يومذاك أوج الضغط والشدة. فعلى الأشارة عتاب، وعلى القول حساب، وعلى الفعل عقاب، فلم يكن ليختلف عما نصطلح عليه اليوم بالأحكام العرفية، وهو أمر ضروري للسلطات يومئذ في سبيل تدعين أساسها، وتثبيت بنيانها. أما إذا كان القائم المدافع بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبضعته (2)، وصورته الناضرة، فهي محفوظة لا خوف عليها بلا شك، باعتبار هذه النبوة المقدسة، ولما للمرأة في الأسلام عموما من حرمات وخصائص تمنعها وتحميها من الأذى.
---
(1) راجع: أخبار السقيفة في تاريخ الطبري 2: 244 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت، وما دار فيها، ومن ذلك قول الخليفة الثاني: (اقتلوا سعد بن عبادة...). (2) جاء في الحديث الصحيح: (فاطمة بضعة مني من اذاها فقد اذاني....). راجع: التاج الجامع للاصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم 3: 353 عن البخاري ومسلم وغير هما، صحيح البخاري - باب فضائل الصحابة 5: 83 باب 43 حديث رقم 232 طبعة دار القلم - بيروت، صحيح مسلم 4: 1902 حديث رقم 2493 باب فضائل الصحابة - فضائل فاطمة عليها السلام.
--- [25]
صفحه ۲۴