الخليفة، ولم تكن لتأخذ رأيه وهو الظالم (1) المنتزي على الحكم في رأيها، فالمطالبة بالميراث لابد أنها كانت صدى لما قام به الخليفة من تأميمه للتركة على ما نقول اليوم (2)، والاستيلاء عليها. (أقول): إذا عرفنا هذا وإن الزهراء لم تطالب بحقوها قبل أن تنتزع منها، تجلى لد ينا أن ظرف المطالبة كان مشجعا كل التشجيع للمعارضين على أن يغتنموا مسألة الميراث مادة خصبة لمقاومة الحزب الحاكم على اسلوب سلمي كانت تفرضه المصالح العليا يومئذ، واتهامه بالغصب والتلاعب بقواعد الشريعة والاستخفاف بكرامة القانون. (قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية) وإذا أردنا أن نفهم المنازعة في أشكالها وأسبابها في ضوء الظروف المحيطة بها، وتأثيرها، كان لزاما علينا أن نعرض تلك الظروف عرضا مستعجلا ونسجل صورة واضحة الألوان للعهد الانقلابي بالمقدار الذي يتصل بغرضنا. ولا أعني بالانقلاب حين أصف عهد الخليفة الأول بذلك إلا مفهومه الحقيقي المنطبق على تلون السلطة الحاكمة بشكل جمهوري يتقوم بالثورة ويكتسب صلاحياته من الجماعات المنتخبة، ونزعها لشكلها الأول الذي يستمد قوته وسلطته من السماء.
---
(1) راجع المحاورة بين الخليفة الثاني وبين علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب، شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 16: 222. (2) أصبح مصطلح التأميم شائعا، وهو يعني المصادرة والاستيلاء على الملك الخاص من قبل الدولة.
--- [71]
صفحه ۷۰