وانطباعات الخليفة عنها، فإنه فهم حق الفهم أن احتجاج الزهراء لم يكن حول الميراث أو النحلة، وإنما كان حربا سياسية كما نسميها اليوم وتظلما لقرينها العظيم الذي شاء الخليفة وأصحابه من يبعدوه عن المقام الطبيعي له في دنيا الأسلام، فلم يتكلم إلا عن علي فوصفه بأنه ثعالة وأنه مرب لكل فتنة، وأنه كام طحال، وأن فاطمة ذنبه التابع له، ولم يذكر عن الميراث قليلا أو كثيرا. ولنلاحظ ما جاءت به الرواية في صحاح السنة من أن عليا والعباس كانا يتنازعان في فدك في أيام عمر بن الخطاب، فكان علي يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعلها في حياته لفاطمة، وكان العباس يأبى ذلك ويقول هي ملك رسول الله وأنا وارثه، ويتخاصمان إلى عمر، فيأبى أن يحكم بينهما ويقول: (أنتما أعرف بشأنكما أما أنا قد سلمتها إليكما) (1) فقد نفهم من هذا الحديث إذا كان صحيحا أن حكم الخليفة كان سياسيا موقتا وإن موقفه كان ضرورة من ضرورات الحكم في تلك الساعة الحرجة، وإلا فلم أهمل عمر بن الخطاب رواية الخليفة وطرحها جانبا وسلم فدك إلى العباس وعلي، وموقفه منهما يدل على أنه سلم فدك إليهما على أساس أنها ميراث رسول الله لا على وجه التوكيل، إذ لو كان على هذا
---
(1) شرح نهج البلاغة 16: 221، لاحظ الروايات التي تؤكد أن علي بن أبي طالب وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووارثه وخليفته والولي من بعده. راجع مثلا: تاريخ دمشق / ابن عساكر الشافعي 3: 5 ح 1021، 1022 قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: (لكل نبي وصي ووارث وإن عليا وصيي ووارثي) وراجع حديث الدار المشهور في تاريخ الطبري 3: 218، ط 1، الحسينية بمصر، وتفسير الخازن 3: 371 - طبعة دار المعرفة - في تفسير قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين...)، مسند 29 أحمد بن حنبل 2: 352 ح 1371 - طبعة دار المعارف، بسند صحيح. (*)
--- [69]
صفحه ۶۸