الخلافة والحكم. وإلفات المسلمين إلى حظهم العاثر واختيارهم المرتجل وانقلابهم على أعقابهم، وورودهم غير شربهم، وإسنادهم الأمر إلى غير أهله، والفتنة (1) التي سقطوا فيها، والدواعي التي دعتهم إلى ترك الكتاب ومخالفته فيما يحكم به في موضوع الخلافة والأمامة. فالمسألة إذن ليست مسألة ميراث ونحلة إلا بالمقدار الذي يتصل بموضوع السياسة العليا، وليست مطالبة بعقار أو دار، بل هي في نظر الزهراء (مسألة إسلام وكفر، ومسألة إيمان ونفاق، ومسألة نص وشورى) (2). وكذلك نرى هذا النفس السياسي الرفيع في حديثها مع نساء المهاجرين والأنصار، إ ذ قالت فيما قالت: (أين زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الروح الأمين والطبين بأمر الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين، وما الذي نقموا من أبي الحسن، نقموا والله نكير سيفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله، تالله لو تكافؤوا عن زمام نبذه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا عتلقه وسار إليهم سيرا سجحا لا تكلم حشاشه، ولا يتعتع راكبه (3)، ولأوردهم منهلا نميرا فضفاضا تطفح
---
(1) راجع نصوص السقيفة في تاريخ الطبري 2: 235 وما بعدها، وفيها: (أن بيعة أبي بكر فلتة..). (2) هذا بلحاظ المنظور الفاطمي للقضية برمتها وفي أبعادها، وقد عبرت عن ذلك في خطبتها قائلة: إنما زعمتهم خوف الفتنة ثم تلت قوله تعالى: (ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) التوبة / 49، وراجع المناقشة الوافية الشافية لمسألة (النص والشورى) في نشأة التشيع والشيعة / الأمام السيد الشهيد الصدر - بتحقيق الدكتور عبد الجبار شرارة. (3) تاريخ الطبري 2: 580، قول الخليفة الثاني في قصة الشورى... قالوا: يا أمير المؤمنين لو عهدت عهدا ! فقال: قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فاولي رجلا أمركم، هو أحراكم أن يحملكم على الحق. وأشار إلى علي...). وراجع أنساب الأشراف / البلاذري 2: 214.
--- [66]
صفحه ۶۵