كانت تعمل على حسابه فهي بيت النبي أن يؤم الناس ما دام النبي مريضا (1). إن التاريخ لا يمكننا أن نترقب منه شرح كل شئ شرحا واضحا جليا غير أن الأمر الذي تجمع عليه الدلائل أن من المعقول جدا أن يقف شخص مرت به ظروف كالظروف الخاصة التي أحاطت بالخليفة من علي وفاطمة موقفه التاريخي المعروف، وأن امرأة تعاصر ما عاصرته الزهراء في أيام أبيها من منافسات حتى في شباك يصل بينها وبين أبيها حري بها أن لا تسكت إذا أراد المنافسون أن يستولوا على حقها الشرعي الذي لا ريب فيه. (أبعاد قضية فدك السياسية) هذه هي الثورة الفاطمية في لونها العاطفي وهو لون من عدة ألوان أوضحها وأجلاها اللون السياسي الغالب على أساليبها وأطوارها. وأنا حين أقول ذلك لا أعني بالسياسة مفهومها الرائج في أذهان الناس هذا اليوم المركز على الالتواء والافتراء، وإنما أقصد بها مفهومها الحقيقي الذي لا التواء فيه. فالممعن في دراسة خطوات النزا ع وتطوراته والأشكال التي اتخذها لا يفهم منه ما يفهم من قضية مطالبة بأرض، بل يتجلى له منها مفهوم أوسع من ذلك ينطوي على غرض طموح يبعث إلى الثورة ويهدف إلى استرداد عرش مسلوب وتاج ضائع ومجد عظيم وتعديل أمة ا نقلبت على أعقابها (2).
---
(1) سيرة ابن هشام - مج 3 / 4: 653، توجد رواية تشير إلى ذلك. (2) إشارة إلى قوله تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) آل عمران / 144. وراجع الرواية التي تشير إلى ارتداد الناس وانكفائهم عن الأسلام حديث الحوض المشهور، قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (أنا فرطكم على الحوض فيؤتى برجال أعرفهم فيمنعون مني، فأقول أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقا سحقا لمن بدل بعدي...، صحيح البخاري 8: 86 كتاب الفتن، الكشاف / الزمخشري 4: 811، تاريخ الطبري 2: 245. (*)
--- [64]
صفحه ۶۳