فهم فهم: مدخل به هرمنوتیک: نظریه تأویل از افلاطون تا گادامر
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
ژانرها
الترجمة - إذن - تجعلنا على وعي بالتعارض القائم بين عالم فهمنا الخاص وبين عالم الفهم الذي يمضي فيه العمل، وإذا كان الحاجز اللغوي يبرز هذا التعارض ويجعل وجود هذين العالمين أكثر وضوحا، فإن وجودهما قائم في أي تأويل لعمل مكتوب بلغتنا نفسها، بل قائم، في حقيقة الأمر، في أي «حوار» أصيل وبخاصة إذا كان طرفا الحوار يفصلهما فاصل جغرافي، بل إننا في الأدب الإنجليزي لنجد فجوة المائة عام كافية لأن تخلق تحولا ما في اللغة بحيث يعيش كل من وردزورث وبوب وملتون وشكسبير وتشوسر في عالم تاريخي ولغوي مختلف.
إن فهم شاعر مثل «وردزورث» - على سبيل المثال - يتطلب جهدا من التخيل التاريخي ومن «الترجمة» لكي نطلع على عالم إنجلترا في زمنه، وهي على مشارف التصنيع (وإن تكن ريفية بعد في صميمها وجوهرها)، كذلك رؤية إيطاليا في زمن دانتي والولوج إلى عالمها في فهم «الكوميديا الإلهية»، فالأمر هنا ليس مجرد ترجمة لغوية (وإن كانت اللغة تنبئنا بالكثير)، إنه مسألة ترجمة تاريخية، وحتى مع أرقى ترجمة إنجليزية يمكن تصورها تبقى هناك مشكلة الفهم التي يتضمنها الالتقاء بأفق آخر مختلف من فهم الوجود الإنساني، وإذا كان «نزع الأسطورية» هو اعتراف أو إدراك لهذه المشكلة في مجال تأويل الإنجيل، فإنه، من حيث المبدأ، قائم في أي قراءة للوثائق التاريخية أو النصوص الأدبية، حتى لو لم يعمد هذا النوع إلى تجريد النص الأصلي من وقعه الدرامي المباشر، وصفوة القول أن استقصاء «نظرة العالم» المضمرة في اللغة نفسها ثم في استخدام اللغة في عمل أدبي هو تحد أساسي يواجه التأويل الأدبي.
والحق أن «الهرمنيوطيقا الحديثة» ستجد في الترجمة وفي نظرية الترجمة ذخرا كبيرا يفيدها في استكشاف «المشكلة التأويلية»، بل إن الهرمنيوطيقا في مراحلها التاريخية الأولى كانت دائما تشمل الترجمة اللغوية، سواء بوصفها تأويلا للفلسفة الكلاسيكية أو تأويلا للكتاب المقدس. إن ظاهرة الترجمة هي لب لباب الهرمنيوطيقا: في الترجمة يواجه المرء الموقف التأويلي الأساسي الخاص بتجميع معنى النص والتعامل بالوسائل النحوية والتاريخية وغيرها من أدوات فك رموز النص القديم، غير أن هذه الأدوات، كما قلنا آنفا، هي مجرد تجسيد أو تصريح بما هو متضمن في كل مواجهة لنص لغوي حتى في لغتنا ذاتها، فهناك دائما عالمان: عالم النص وعالم القارئ، وبالتالي فهناك حاجة دائما لهرمس لكي «يترجم» من أحد العالمين إلى الآخر.
وبعد، فلم يكن عبثا عرضنا المستفيض للأبعاد الثلاثة لمعنى الهرمنيوطيقا في الاستعمال القديم، فما تزال الدلالة الثرية للجذور اليونانية للفظة ترفد التعريفات الحديثة للهرمنيوطيقا، فتركز هذه التعريفات تارة على هذا الاتجاه وطورا على ذاك، وحسنا تفعل الهرمنيوطيقا حين تستلهم المعاني القديمة، وتعود مرارا وتكرارا إلى دلالة الاتجاهات الثلاثة لمعنى التأويل: التلاوة، والتفسير، والترجمة.
الفصل الثالث
تعريفات حديثة للهرمنيوطيقا
ثمة تعريفات عدة مختلفة للهرمنيوطيقا كما تطورت في الأزمنة الحديثة، منذ البداية كانت الكلمة تشير إلى علم التأويل وبخاصة مبادئ التفسير النصي القويم، غير أن حقل الهرمنيوطيقا قد تم تأويله (بترتيب زمني تقريبا) إلى:
نظرية تفسير الكتاب المقدس.
ميثودولوجيا فقه اللغة العام.
علم كل فهم لغوي.
صفحه نامشخص