فهم فهم: مدخل به هرمنوتیک: نظریه تأویل از افلاطون تا گادامر

عادل مصطفى d. 1450 AH
148

فهم فهم: مدخل به هرمنوتیک: نظریه تأویل از افلاطون تا گادامر

فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر

ژانرها

22

والسؤال الحق هو ما إذا كان بالإمكان وجود شيء من قبيل المعرفة الفلسفية الخاصة بالوجود الأخلاقي للإنسان، وأي دور يمكن أن تضطلع به المعرفة (اللوجوس) في الوجود الأخلاقي للإنسان، فإذا كان الإنسان بصفة دائمة يواجه الخير في هيئة موقف عملي محدد يجد نفسه فيه فإن مهمة المعرفة الأخلاقية هي أن تحدد له ما يطلبه منه الموقف العياني ويهيب به أن يفعله، أو بعبارة أخرى ينبغي على الشخص الفاعل أن ينظر إلى الموقف العياني في ضوء ما هو مطلوب منه بصفة عامة، غير أن هذا، إن وضعناه بصيغة سلبية، يعني أن المعرفة التي لا يمكن أن تطبق على الموقف العياني تبقى معرفة بلا معنى، بل تعرض ما يتطلبه الموقف للتعتيم والإبهام، هذا الحال الذي يمثل طبيعة التأمل الأخلاقي يجعل الفلسفة الأخلاقية مشكلة صعبة منهجيا، ليس هذا فحسب، بل إنه يجعل مشكلة المنهج مشكلة ذات صلة بالأخلاق، وفي مقابل نظرية الخير القائمة على مذهب أفلاطون في المثل فإن أرسطو يؤكد أن من المحال على علم الأخلاق أن يبلغ الدقة المتناهية التي تتمتع بها الرياضيات، بل إن طلب هذا الصنف من الدقة هو في حقيقة الأمر طلب غير ملائم، إن ما يلزمنا فعله هو، ببساطة، أن نضع صورة عامة وبواسطة هذا المخطط التمهيدي نكون قد قدمنا للوعي الأخلاقي بعض العون (انظر «الأخلاق النيقوماخية»، الجزء الأول، القسم 7، والجزء الثاني، قسم 2)، ولكن كيف يتأتى هذا العون وكيف يكون ممكنا؟ إن هذا يمثل مشكلة أخلاقية بحد ذاته، فمن الواضح أن من سمات الظاهرة الأخلاقية أن الشخص الفاعل يتعين عليه أن يعرف ويقرر بنفسه، ولا يمكن لأي شيء آخر أن ينهض بهذه المسئولية نيابة عنه، هكذا يتبين أن على علم الأخلاق بوصفه مبحثا فلسفيا أن يحوز بالضرورة على المدخل الصحيح بحيث لا يغتصب مكان الوعي الأخلاقي، غير أن عليه أيضا ألا ينشد معرفة نظرية و«تاريخية» خالصة، بل عليه، بترسيم الظاهرة، أن يساعد الوعي الأخلاقي على أن يبلغ الوضوح والجلاء فيما يتعلق بذاته، إن هذا يفرض على من يرغب في تلقي هذا العون (أي الشخص الذي يستمع إلى محاضرة أرسطو) أشياء كثيرة: إن عليه أن يكون من النضج بحيث لا يطلب من تعاليم أرسطو أكثر مما تملك أن تقدمه، ويمكننا، بصيغة إيجابية، أن نقول إن عليه، من خلال التعليم والممارسة، أن يكون قد حقق هو نفسه مسلكا يحرص على التزامه في المواقف العيانية لحياته وعلى تصويبه من خلال التصرف الصائب.

23

كما رأينا فإن مشكلة المنهج يحددها الموضوع تحديدا تاما، وذلك مبدأ أرسطي عام، وما يهمنا حقا هو أن نفحص بدقة أكبر تلك العلاقة الخاصة بين الوجود الأخلاقي والوعي الأخلاقي والتي وصفها أرسطو في كتابه «الأخلاق»، لقد ظل أرسطو سقراطيا من حيث إنه أبقى المعرفة كعنصر ضروري للوجود الأخلاقي، وإن التوازن الذي أوجده بين الإرث السقراطي والأفلاطوني وبين فكرته عن «الإيثوس» هي بالتحديد ما يهمنا في هذا المقام، ذلك أن المشكلة الهرمنيوطيقية هي أيضا متميزة بشكل واضح عن المعرفة «الخالصة» المنفصلة عن أي نوع معين من الوجود، لقد تحدثنا عن انتماء المؤول للتراث الذي يؤوله، وقد رأينا أن الفهم نفسه هو حدث تاريخي . إن اغتراب المفسر عن المفسر بواسطة المنهج الموضوعي للعلم الحديث، وهو ما يميز الهرمنيوطيقا والتأريخ في القرن التاسع عشر، قد بدا كنتيجة للإضفاء الزائف للموضوعية، وهدف جادامر في الرجوع إلى مثال الأخلاق الأرسطية هو أن يساعدنا على إدراك ذلك وتفاديه؛ ذلك لأن المعرفة الأخلاقية، كما يصفها أرسطو، ليست معرفة موضوعية بكل تأكيد، أي إن الشخص العارف لا يقف بإزاء موقف يقوم بملاحظته فحسب، إنه ملتحم بشكل مباشر بما يراه، إنه شيء عليه أن يفعله.

من الجلي أن هذا ليس ما نعنيه بعملية المعرفة في مجال العلم، ومن ثم فإن التمييز الذي وضعه أرسطو بين المعرفة الأخلاقية (

) والمعرفة النظرية (

Episteme ) هو تمييز بسيط قريب المأخذ وبخاصة إذا ما تذكرنا أن العلم عند اليونان يتخذ مثله الأعلى من الرياضيات، تلك المعرفة التي تتناول ما هو ثابت لا يتغير، المعرفة التي تعتمد على البرهان والتي يمكن من ثم أن يتعلمها أي شخص، من المؤكد أن هرمنيوطيقا العلوم الإنسانية ليس لديها ما تتعلمه من المعرفة الرياضية (كمقابل للمعرفة الأخلاقية)، فالعلوم الإنسانية تأخذ موقفا أقرب إلى المعرفة الأخلاقية منه لذلك الصنف «النظري» من المعرفة، إنها «علوم أخلاقية»، موضوعها هو الإنسان وما يعرفه الإنسان عن نفسه، على أن الإنسان يعرف نفسه ككائن فاعل، وهذا الصنف من معرفة الإنسان عن نفسه لا ترمي إلى البرهان على ما هو كائن؛ فالكائن الفاعل إنما ينصب اهتمامه على شيء ليس ثابتا على الدوام بل يمكن أن يعتريه التغير. في هذا الشيء يمكنه اكتشاف النقطة التي ينبغي عندها أن يأتي فعله، إن غاية معرفته هي أن يحكم أفعاله ويسيطر عليها.

هنا تكمن المشكلة الحقيقية للمعرفة الأخلاقية التي شغلت أرسطو في مبحثه «علم الأخلاق»، ذلك أن هناك صنفا نموذجيا من الفعل الذي تحكمه المعرفة متمثلا فيما يسميه اليونان

Techne

أي الفن الحرفي أو «الصنعة»، إنها المهارة أو المعرفة التي يحوزها الحرفي الصانع الذي «يعرف كيف» يصنع شيئا معينا على وجه التحديد، والسؤال الآن هو ما إذا كانت المعرفة الأخلاقية هي معرفة حرفية من هذا النوع، أي معرفة كيف يصنع المرء نفسه: هل يتعلم الإنسان أن يصنع من نفسه ما ينبغي أن يكون عليه بنفس الطريقة التي يتعلم بها الحرفي أن يصنع أشياء معينة وفقا لخطته ومشيئته؟ هل يسقط الإنسان نفسه على «مثال» أو «صورة»

صفحه نامشخص