فهم فهم: مدخل به هرمنوتیک: نظریه تأویل از افلاطون تا گادامر
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
ژانرها
يتكون هذا الوعي من علاقة بالتاريخ لا يمكن للنص فيها أن يكون «آخر» بشكل كامل وموضوعي، ذلك أن الفهم ليس بالتمييز السلبي لآخرية الماضي، بل هو بالأحرى أن يضع المرء نفسه بحيث يقر له الآخر بالأهلية والاستحقاق، عندما يقرأ المرء نصا تاريخيا على أنه مجرد شيء تاريخي فإنه يكون قد صادر بالحاضر سلفا وجزم به ووضعه خارج الشك والتساؤل، أما الوعي التاريخي الأصيل فهو لا ينظر إلى الحاضر على أنه ذروة الحقيقة، بل يتذرع بالانفتاح الدائم للدعوى التي يمكن للحقيقة الكامنة في العمل أن توجهها إليه. «يتحقق الوعي التأويلي لا في اليقين الذاتي المنهجي بل في الاستعداد والانفتاح الخبروي كنقيض للجزم الدوجماطيقي.» حين يكتسب المرء «خبرة» من النصوص فإن ما اكتسبه ليس مجرد معرفة موضوعية، بل «خبرة» غير قابلة للموضعة، إنها «الخبرة» التي أنضجته وجعلته منفتحا للتراث ومنفتحا للماضي، إن مفهوم «الخبرة» هو مفهوم بالغ الأهمية لفهم تأويلية جادامر كما سيتبين لنا فيما يلي من حديث. (2) تأويلية جادامر الجدلية (2-1) بنية الخبرة التأويلية
يبدأ جادامر تناوله للخبرة التأويلية بنقد للمفهوم السائد للخبرة، والذي يراه جادامر مفرط التوجه نحو العرفان (فعل المعرفة) بوصفه فعلا إدراكيا حسيا ونحو المعرفة بوصفها حشدا من المعلومات التصورية. نحن، بتعبير آخر، نميل اليوم إلى تعريف الخبرة بطريقة ذات توجه كامل تجاه المعرفة العلمية، مع إغفال تام للصبغة التاريخية الباطنة للخبرة، ونحن إذ نفعل ذلك نحقق دون وعي منا هدف العلم، وهو «موضعة الخبرة بحيث لا تعلق بها لحظة تاريخية من أي نوع»؛ «فمن خلال التنظيم الميثودولوجي الصارم تقوم التجربة العلمية بانتزاع الموضوع من لحظته التاريخية وتعيد بناءه بحيث يلائم المنهج.»
14
شيء مماثل لذلك يحدث، في رأي جادامر، في مجال اللاهوت وفقه اللغة مع «المنهج التاريخي النقدي» الذي يعكس بطريقة ما نفس الرغبة العلمية العارمة في جعل كل شيء موضوعيا وقابلا للتحقيق، حين تسود هذه الروح لا يعود هناك شيء «واقعي» سوى ما هو قابل للاختبار، ولا يعود هناك مكان للجانب التاريخي والجانب غير القابل للموضعة من الخبرة، ومن ثم فإن تعريف الخبرة نفسه يستبعد معطيات هذه العلوم (فلا تدخل في التعريف).
في مقابل خرافة المعرفة التصورية المحضة والقابلة للتحقيق يدفع جادامر بمفهومه التاريخي والجدلي للخبرة، حيث الخبرة ليست مجرد تيار من الإدراكات الحسية بل واقعة، حدث، لقاء، ورغم أنه لا يشارك هيجل مسلماته ونتائجه فهو يجد في تصور هيجل الديالكتيكي للخبرة نقطة البداية لتأويليته الجدلية الخاصة.
الخبرة، كما يعرفها هيجل، هي نتاج التقاء الوعي بموضوع ما، يقول هيجل: «ثمة حركة بمقتضاها يمارس الوعي فعله في كل من العارف وموضوعه، وبقدر ما يتولد عن ذلك، بالنسبة له، موضوع جديد يكون ذلك جديرا بأن يسمى «خبرة».» الخبرة إذن، وفقا لهيجل، لها دائما بنية انعكاس الوعي أو إعادة تشييده، إنها حركة من نوع ديالكتيكي.
تحت هذا الميل إلى الانعكاس ثمة عنصر من «السلب»
Negativity : فالخبرة هي أولا وقبل كل شيء خبرة ب «ليس»: شيء ما هو «ليس» كما كنا نفترض. موضوع خبرة المرء يرى في ضوء مختلف، يتغير، والمرء نفسه يتغير حيث يعرف الموضوع على نحو مختلف، الموضوع الجديد يتضمن حقيقة أعلى من القديم، لقد قضى القديم زمنه، غير أن الخبرة عند هيجل هي الموضعة الذاتية للوعي، ومن ثم فالخبرة نبلغها من طريق المعرفة التي تتجاوزها، بذلك يتبين أن هيجل يجعل الوعي أساسا، بينما يذهب جادامر إلى أن الوعي نفسه يتم تجاوزه بواسطة موضوعية الوعي.
يذهب جادامر إلى أن الخبرة تجد تحققها الجدلي «لا في المعرفة بل في الانفتاح على الخبرة»، ومن الواضح أن الخبرة هنا لا تعني نوعا من المعرفة المعلوماتية المختزنة عن هذا الشيء أو ذاك، والحق أن جادامر يستخدم مصطلح «الخبرة» بمعنى أقل تقنية وأكثر اقترابا من معناها الدارج، فتشير «الخبرة» عنده إلى تراكم فهم غير مموضع وغير قابل للموضعة، والذي كثيرا ما نسميه «الحكمة»، مثال ذلك أن الرجل الذي قضى كل حياته يتعامل مع الناس يكتسب قدرة على فهمهم، وهي ما نسميه «الخبرة»، وبينما خبرته هي معرفة غير قابلة للموضعة فإنها تدخل في لقائه التأويلي مع الناس، ورغم ذلك فهي ليست قدرة شخصية محضة، إنها معرفة بطبيعة الأشياء وأحوالها ، معرفة بالناس لا يمكن حقا وضعها في مصطلحات تصورية.
تومئ الخبرة دائما إلى ألم النمو وألم الفهم الجديد، والخبرة شيء لا بد من اكتسابه بصفة دائمة، ولا أحد يستطيع أن ينقذنا منها، وقد نود أن نعفي أبناءنا من «الخبرات» المؤلمة التي مررنا بها نحن، إلا أنه يتعذر إعفاؤهم من الخبرة ذاتها، فالخبرة شيء ينتمي إلى الطبيعة التاريخية للإنسان، الخبرة هي دائما تحرر من الوهم وخيبة للتوقع ومسير للأمور على ما لم يكن في الحسبان، ولا تأتي الخبرة إلا من هذا الطريق، ورغم ذلك فحقيقة أن الخبرة هي شيء مؤلم بالدرجة الأساس وغير سار لا يصبغها باللون الأسود ضربة لازب، بل يطلعنا على طبيعتها الداخلية فحسب، فالسلب والإحباط أو خيبة التوقع وانقشاع الوهم هي صفات مدمجة في طبيعة الخبرة، وفي طبيعة الوجود التاريخي للإنسان، «تجري كل خبرة عكس التوقع إذا كانت حقا تستحق أن تسمى خبرة.»
صفحه نامشخص