قال بعض الفضلاء من السادة لإمام زمانه -وقد كثرت حركاته واقتحامه لأخطار الأسفار- ما معناه: ترجيح السكون وعدم تعريض النفس للذهاب أن يقال(1) للمسلمين، ولو وقع السكون والوقوف رأس جبل عال ليس بقليل، وهو أرجح من فوائد الإحتراك مع تجويز الهلاك.
ووجه آخر: وهو أنك تجد لأئمة الهدى من التنويرات، والكرامات، وإجابة الدعوات، والحالات الدالة على عظم المكانة عند الله تعالى، ما يهدي إلى شرف هذه المنزلة وعلو هذه الدرجة، وأن هذا ليس بموكول إلى نظر الناظر واجتهاد المجتهد، ولا بحال يستوي فيه المحتفل والمهمل، والناهض والرافض، والمحب والباغض، والنافي والمثبت، والملتزم والمتلعب، وأن هذه المسألة ليست كمسألة المضمضة والإستنشاق وغسل الرجلين ومسحهما، ونحو ذلك من المسائل الظنية الاجتهادية التي درجتها بالنظر إلى غيرها غير عليه.
وغير بعيد أن يستهجن كثير ممن يقف على كلامنا هذا، جعلنا هذه الوجوه طريقن إلى عظم شأن هذه المسألة ومخرطة لها(2) عن حيز المسائل القليلة الخطر، ومنهجا إلى إلحاقها بالمسائل الجليلة القدر، العظيمة الشأن، التي يصير بها من لم يصب جادة الصواب فيها ويسلكها من الآثمين، بل من الظالمين، وسبب الإستهجان كون هذه المشاق مما لم يسبق إليه، ولا يطرق الأسماع، وكأنه قريب الميلاد والنفوس تنفر عما لا تألفه وتعتاده، وإلا فمن أنصف، وجانب التكبر بما تعجرف، وتأمل ما هداه الدليل إليه من سواء السبيل وتعرف، وجده كلاما حسن المعاني، قوي المباني، وهذا شيء دعانا إليه ما تيقناه من عظم أمر الإمامةوحالها ومحلها، وارتفاع منزلتها ودرجتها، مع كون أدلتها ليست بذلك.
صفحه ۸۳