فائدة عظيمة النفع، ينبغي أن يصغى إليها ويعول عليها
اعلم: أن مدار أمر الإمام فيما يراد منه، وما يقوم لأجله عن حقوق الله ومصيرها إليه؛ أداء الجهاد الذي هو سنام الإسلام وأجل فرائضه، لا يقوم ولا يتهيأ إلا ببذل الأموال، وتجنيد الأجناد، وإعطاء الرغائب، وكذلك غيره من مصالح الدين ومواساة المحتاجين، وتعهد المساجد والمناهل، وإحياء العلم والتدريس، وإطعام الطعام، وارتباط الخيل، وغيرها مما يدور أمره عليه، والانفاق على العالم والعهد وغير ذلك، بحيث أنه لولا ثبوت الأموال وحقوق الله لما أمكنه النظر في شيء من تلك الأمور، ولكان(1) كآحاد الناس لم تستقم له راية، ولا كان على إمامته آية، فسبيل من وفقه الله تعالى للقيام بحق الإمام تعظيم هذا الحق الذي للإمام في قلوب أهل الإسلام، والحث عليه والدعاء إليه، ومن التفريط في جنب الله والإساءة إلى الإمام الداعي إلى الله تعالى ما اعتاده كثير من المتسمين بالفقه، المتسمين بالتشيع، المدعين للتمييز من التثبيط للناس عن تسليم الحقوق إلى الإمام، والترخيص لهم في ذلك وإفتائهم بأن ولاية زكواتهم إليهم، ومدار النظر فيها عليهم، وأنه هو المختار للمذهب، وليس وراء ذلك للمرء مطلب، والذي دعاهم إلى ذلك التحامل على الإمام، وكراهية الصلاح لأمره، والانتظام والتهافت على اختطاف الزكوات، والولع بالأخذ وقول هات، بحيث أنهم لو رضوا عن الإمام وحظوا منه بالمرام ما أفتوا بهذه الفتوى ولا صرحوا بهذه الدعوى، وما أفتوا بما أفتوا به إلا اتباعا للأهواء، وخبطا كخبط عشواء، ولا تحل الفتوى إلا لذي الاجتهاد والنظر الوقاد، أو لذي الترجيح الفارق بين السقيم والصحيح، أما من قرأ(2) كلاما في كتاب، أو قرأ قراءة بتلقن مرتاب، فحقه الإعراض والسكوت، ليس بعشك فأدرجي(3)، ولكن التجاسر على الفتوى ممن ليس بأهلها من بدع الزمان.
صفحه ۱۸۷