وكذلك فرض أنه دخل في الأمر لتعينه عليه وتحتمه ولزومه، غالبا على ظنه وجود الأعوان وصلاح الشأن، فاتفق بعد الخذلان، وخان العهود وخان، حتى آل الأمر إلى البطلان، فإنه مع ذلك يصير في فسحة من الأمر، ويكون في تخلصه من الدرك، وخروجه عن هذا التكليف أمير نفسه، بل الخروج والتخلص عن الدرك أولى به وأليق بحاله.
فكذلك لو فرض أنه لم يتهيأ له استقامة حاله وانتظام أمره إلا بخروجه عن القانون الشرعي، وبسلوكه السبيل غير المرضي، واعتلاقه بما يؤثمه من التصرفات، وإن كان في خلاله قائما بالأمور المهمات، ومحصلا للمصالح الدينيات، فإنه لا يلزمه أن يتعرض للإثم ويضر نفسه لينفع غيره، فإن نظره لنفسه أولى به وأوجب عليه، ولا ينبغي أن يكون كذبالة [المصباح] يضيء للناس وهو يحترق.
القول فيما يلزم الرعية للإمام
قال الإمام يحيى عليه السلام : يجب عليهم نصرته، ومؤازرته، وإعانته، ومعاضدته، وإعانته على ما وجهه من المكالف، وأن يطيعوه فيه، وينقادوا لأمره، وينهضوا إذا استنهضهم لقتال عدوه، ولا يكتمون عليه شيئا من النصائح، ويجذبوا له النصيحة من أنفسهم سرا وجهرا، ويحرم عليهم خذلانه، قال عليه السلام : والأصل في ذلك كله قوله تعالى: ?ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم? [النساء:59].
قال: وأولو الأمر هم الأئمة بإجماع الأمة، وروى زيد بن علي عن آبائه عن علي" أنه قال: «ثلاثة لا ينظر الله تعالى إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل بايع إماما عادلا فإن أعطاه شيئا من الدنيا وفا له، وإن لم يعطه لم يف له، ورجل قاعد على ظهر الطريق يمنع سابلة الطريق، ورجل حلف بعد العصر لقد أعطي بسلعته كذا وكذا وأخذها الآخر مصدقا له بيمينه وهو كاذب».
صفحه ۱۷۳