الدرر في اختصار المغازي والسير
الدرر في اختصار المغازي والسير
پژوهشگر
الدكتور شوقي ضيف
ناشر
دار المعارف
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٤٠٣ هـ
محل انتشار
القاهرة
= سنة الْأَنْبِيَاء فِي مثل ذَلِك. وَجَاء فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِق﴾ أَن كَانُوا اقتسموا الْأَعْمَال من احتطاب واحتشاش ورعي وحراسة، فَهُوَ معنى الاستباق. وَهِي أَيْضا عَادَة الْمُسلمين فِي حفر الْخَنَادِق وَشرط ذَلِك السَّلامَة من التنافس والتحاسد والتعيير. وَلِهَذَا من فرغ "من" حِصَّته قبل صَاحبه أعَان من لم يفرغ بِلَا تنقيص وَلَا تَعْبِير. وَالله أعلم. * قلت: مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ النصب على الِاخْتِصَاص "أَي فِي كلمة أهل الْبَيْت" وَقيل: يجوز الْخَفْض على الْبَدَل من الضَّمِير "فِي منا" وَهُوَ مَذْهَب الْأَخْفَش لجَوَاز الْبَدَل من ضمير الْمُتَكَلّم والمخاطب خلافًا لسيبويه، فَإِنَّهُ قَالَ: هما غَايَة فِي الْبَيَان فَلَا يحتاجان إِلَى الْبَدَل. وَعِنْدِي فِي إِعْرَاب هَذِه الْكَلِمَة فِي الحَدِيث نُكْتَة لَطِيفَة، وَذَلِكَ أَن الْمُضمر فِيهَا جَاءَ فِيهِ احْتِمَال أَن يُرَاد الْمُتَكَلّم خَاصَّة أَو يُرَاد الْمُتَكَلّم وجماعته. وَالْجَمَاعَة هَا هُنَا يحْتَمل أَن يُرَاد بهم الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَو أهل الْبَيْت صلوَات الله عَلَيْهِم، فَلَمَّا تعدد الِاحْتِمَال جَازَ الْبَيَان بالإبدال. وَيَنْبَغِي أَن يكون النَّبِي ﷺ دَاخِلا فِي أهل الْبَيْت هَهُنَا لقَوْله "منا" وَيكون المُرَاد أهل بَيت النُّبُوَّة، بِخِلَاف التَّقْدِير فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت﴾ فَيَنْبَغِي أَن يكون التَّقْدِير حِينَئِذٍ أهل بَيت النَّبِي، وَيكون النَّبِي ﷺ هَا هُنَا خَارِجا من اللَّفْظ، لِأَن أهل بَيته أَزوَاجه. وَفِي هَذِه المرحمة تَعْظِيم عَظِيم من الله تَعَالَى لنَبيه ﵇ فَإِنَّهُ جعل الْبَيْت الْمُطلق عبارَة عَن بَيته كَمَا جعل الْبَيْت الْمُطلق فِي حَقه تَعَالَى عبارَة عَن الْكَعْبَة كالاسم الْعلم لَهَا "أَي فِي مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ جعلنَا الْبَيْت مثابة للنَّاس وَأمنا﴾ . ١ اللواذ: التستر بِشَيْء عِنْد الْفِرَار وَهُوَ إِشَارَة إِلَى تعللهم بالأعذار. ٢ الكدية: الْحجر الضخم الصلد. ٣ وكأنما سلم رَسُول الله لأَصْحَابه فِي ذَلِك الْيَوْم مَفَاتِيح تِلْكَ الْبلدَانِ.
1 / 170