بما يحسُنُ الابتداءُ به مُشيرًا إلى المبحثِ السَّابق بكُلَيماتٍ أشبه ما تكونُ جسورًا يَعبرُ عليها القارئُ بينَ كُلِّ مقطعٍ وآخَر، من غيرِ انقطاع، على نحو ما سلفَ عندَ دراسةِ منهجِه، وهو أمرٌ لا نكادُ نجدُ نظيرًا له عند غيرِه من شُرَّاح أرجوزة ابن الشِّحنة.
ومِن هذا الباب مقدرتُه على رَبْطِ أجزاءِ الشَّرح ومسائلِه، يُضافُ إلى ذلك تلك التَّقسيمات الّتي جعلَها في الباب الواحد، ومَيْلُه إلى تعداد الوجوه في كُلِّ مسألة على نحوٍ يألفُه القارئُ ويأنسُ إليه.
ومنها مَزْجُ النَّظْم بالشَّرح ببراعةٍ؛ حتَّى كأنَّهما كلامٌ واحد؛ فلا يتميَّزُ أحدهما من الآخَر في أكثر المواضع، ممّا يُيسِّر على القارئ الفهم والاستيعاب.
ومنها التَّوسُّطُ في الشَّرحِ؛ فلا تطويل يُمِلُّ، ولا إيجاز يُخِلُّ، وإنَّما هي تعليقاتٌ تُوضِحُ ما في المتن بالقَدْرِ الَّذي يحتملُهُ ويقتضيه.
ومنها أنَّه بإيرادِه رسالةَ الدِّيرينيّ قد ضمَّ في كتابِه شواهد وأمثلة جديدة في الجِناس، غير تلك المتعاورة المكرورة.
أمَّا المادَّةُ العِلميَّةُ التَّي تضمَّنَها الشَّرحُ فَعاليةٌ بلا ريب، وهي مادَّةٌ ليس فيها للعمريّ وغيرِه من المتأخِّرين إلَّا فضلُ الجمع والتَّرتيب وبعض التَّحقيقات. وأمَّا لُغةُ العمريّ في الشَّرحِ فواضحة سهلةٌ مناسبة للأسلوب التّعليميّ.
1 / 71