٤ - خزانة الأدب وغايةُ الأرَب:
هو شرحٌ مُطوَّلٌ وضعَه ابنُ حِجَّةَ الحمويُّ (ت ٨٣٧ هـ) على بديعيَّتِه المُسمَّاة: «تقديمَ أبي بكر»، رجعَ في أثناءِ تأليفِه إلى ما يزيدُ على مئةِ مُصنَّفٍ ذكرَها في ثنايا شرحِه، وهذا الكتابُ يمتازُ بأنَّه استوعبَ بديعيَّاتٍ قبلَه، وتجاوزَها متحرِّزًا الوقوعَ في المآخِذ الَّتي سُجِّلَتْ عليها، جامعًا لأنواعٍ من البديع جمَّة، مُستكثرًا من الشَّواهد في القرآن والحديث والشِّعر وفنونِه، وأمثال العرب السَّائرة، متعرِّضًا لأقوال العُلماء في كُلِّ مسألةٍ مسألة، «وفي هذا الشَّرح من الفوائدِ اللُّغويةِ والأدبيَّةِ والنَّحويّة ....... أكثرُها من المستملَح المستطرَف المستطاب»، ما أغرى العمريَّ لأنْ يجعَلَ الخزانةَ هي المصدرَ الأكثرَ خطَرًا فيما اتَّكأَ عليه في علم البديع، فنقلَ عنه مُصرِّحًا فيما يزيدُ على خمسةَ عشرَ مَوضِعًا، كلُّها نقولٌ تحرَّى فيها الدِّقّةَ كفعلِه؛ إذْ يقدِّمُ لِما ينقلُ بقوله: «قال ابنُ حِجّة»، وبعد تمام النَّقل يقولُ: «انتهى كلامُ ابنِ حِجّة بحروفِه»، =ومُبهِمًا في نحوِ قريبٍ من ذلك؛ كأنْ يُورِدَ كلامًا من تحرير التَّحبير لابن أبي الإصبع، وهو ليسَ من مصادرِه، وإنَّما استعارَ هذا النَّقلَ من الخزانةِ من غيرِ ما تصريح.
والعمريُّ من حُسْنِ متابعتِه للخزانة؛ أنَّه يُحصي الصُّورَ الَّتي يُورِدُها ابنُ حِجَّة في اللَّون البديعيِّ الواحد؛ كقوله: «وذكَرَ ابنُ حِجَّةَ للجناسِ ثلاثةَ عشرَ نوعًا»، وأنَّه قد ينبِّهُ على زياداتِه؛ فيقول: «وقد زادَ ابنُ حِجَّةَ نوعًا سمَّاهُ المعنويّ»، أو يُنبِّهُ على اتِّباعِه للسَّابقين؛ كقوله: «وسمَّى الحريريُّ هذا النَّوعَ بما لا يستحيلُ بالانعكاسِ، وتَبِعَه ابنُ حِجَّة»، وقد يُورِدُ من أبياتِ بديعيَّتِه ويبيِّنُ وجهَ التَّمثيل فيها، وقد يستعينُ بتعريفاته، وتوضيحاته، وشواهده.
على أنَّه قد يُصرِّحُ بمخالفتِه؛ كقولِه: «والإبهامُ: قالَ ابنُ حِجَّة بباءٍ معجمةٍ بواحدة ... هذا ما مشى عليه الشَّارحُ، والأولى أنْ يُضْبَطَ لفظُ
1 / 66