بكذا؛ لأنَّ كذا ..»، «وقولُه: .... متعلِّقٌ بقوله ..»، و«كذا عطفٌ على ...»؛ وأحيانًا إذا طالَ به مقامُ الشِّرح يُكرِّرُ الشَّطرَ الَّذي كان يشرحُه؛ ليربطَ القارئَ بالمتنِ من جديد، ولهذا الأسلوب فائدتان: إجمالُ ما تقدَّمَ في الفِقرة السَّالفة، والدُّخولُ إلى فقرةٍ جديدةٍ من غير انقطاعٍ قد يَشعرُ به القارئ.
والحقُّ أنَّ شرحَ العمريِّ من أحسنِ شروحِ مئة المعاني والبيان في باب رَبْطِ الكلام، ولعلَّ هذا مِن أثرِ النَّزعة التَّعليميّة، على ما سيأتي.
ثُمَّ إنَّ براعتَه لا تتوقَّفُ عندَ ربطِ أجزاء المتن، وحُسْنِ التَّمهيد لِما يَشرحُ فحسْب، بل في ربطِ أجزاءِ الشَّرح عامّةً؛ فهو أحيانًا يشيرُ إلى ما سيأتي من مسائل؛ كقوله: «وسيأتي تقريرُهما في باب ...»، و«وغيره من الاعتبارات الآتي بيانُها في باب ...»، وإلى ما تقدَّمَ بيانُه؛ كقوله في أوَّلِ علم البديع: «كما بُيِّنَ في أوَّلِ علم المعاني»، «ويُعرَفُ أكثرُها مِمّا تقدَّمَ في باب ..»، و«كما مرَّ في الأمثلة المذكورة في ...»، و«فاحترز عن كذا، كما سبق»، و«وشرطُه كذا، كما سلف»، و«كما قرَّرْناه هناك»، وهذه المقدرةُ على الرَّبطِ بينَ مسائل الكتابِ وأجزائِهِ، هي سِمةٌ حسَنَةٌ تدلُّ على تبصُّرِهِ بما في المتن قبلَ الشُّروعِ في شَرْحِه، ولعلَّها تدلُّ كذلك على مُعاوَدتِه المتنَ غيرَ مرَّةٍ، وربَّما تدريسه قبل أن يشرحَه.
أمَّا طريقتُه في تناوُلِ كلام النَّاظمِ فإنَّها تقومُ على ركائزَ تكادُ تكونُ مشتركةً بينَه وبينَ أقرانِه، من شارحي هذا النَّظْم:
فهو يبدأ غالبًا بشَرْح المصطلحاتِ البلاغيّة الّتي افتتحَ بها النَّاظمُ أكثرَ مباحثه، وقد يكونُ شرحُه لها اصطلاحيًّا فقط، أو لُغويًّا واصطلاحيًّا معًا، أو كليهما مع بيان الجامع بينَهما، وإنْ كان للمصطلح أكثرُ من تسميةٍ فينبِّهُ على ذلك، كما ينبِّه على الفروق الطَّفيفة بين المصطلحات المتشابهة، وهو
1 / 50