============================================================
العملية من سنة 730 إلى 860 ه أي مثة وثلاثين سنة.
اما متى بدأ المؤلف بوضع هذا الكتاب فقد أشار إلى ذلك في مقدمته "اناهزت سني العمر الخمسين" فيكون ذلك حوالي سنة 816 ه إذ آن مولده كان سنة 766ه، واستمر فيه إلى قرب وفاته، سنة 845 فيكون قد استغرق التأليف والإضافة ثلاثين سنة . ولكن هناك ما يدل على أن الكتاب كان قد أنجز معظمه في سنة 839ه بحيث إن المؤرخ ابن فهد قد كتب في تلك السنة على نسخة المؤلف: إله طالعه من أوله إلى آخره مستفيذا منه داعيا لمؤلفه بالبقاء: ولقد خضص المقريزي محتوى الكتاب بتراجم "الأعيان"، فلهذا لا ترى فيه تراجم للحرفيين آو آصحاب الصناعات آو الفلاحين أو المزارعين.
وهذا الكتاب يختلف عن مؤلفات المقريزي الآخرى، إذ آثه يعتمد على اتصالاته وملاحظاته الشخصية عن المجتمع، وبخاصة عن رجال الحكم والسلطة، ورجال القضاء، وأصحاب العلوم الدينية خاصة رجال الحديث، فيكاد يذكر كل من حدث أو تلقى الحديث النبوي، وكذلك التفسير والفقه، وبدرجة أقل القراء. ثم يترجم لبعض التجار ويشير إلى المشاكل الاقتصادية.
ثم يذكر حكام البلاد المجاورة ويعود إلى بداية الحكم آو الأسرة الحاكمة في تلك البلاد، مثلا الخلفاء العباسيين، وحكام اليمن، وهولاكو ومن سبقه، وتيمورلنك وجماعته وبداية الدولة العثمانية، وملوك الهند المسلمين وبهذا تكون المدة التي يتناولها الكتاب أكثر بكثير من الفترة المعاصرة.
ولقد حدثت في هذه المدة نفسها خطوب وكوارث كبيرة أهمها احتلال تيمورلنك البغداد وحلب ودمشق وتهديده للدولة المملوكية سنة 803ه بحيث آصبح يكفي بذكر "الكائنة" ليقصد بها تدمير دمشق، ويكتفي بذكر "الجفل" ليعني الهروب من بلاد الشام إلى مصر وهكذا نزح عدد من علماء العراق إلى بلاد الشام، ثم نزح كثيرون من آهل الشام والنازحين إليها إلى الديار المصرية. وحدث نزوح آخر إلى مصر من بلاد الأندلس بعد فقدانها، ومن المغرب والجزائر وتونس بسبب الاضطرابات فيها.
ولم يكن هناك موانع للانتقال من بلد عريي أو إسلامي إلى بلد آخر، كما آن السكنى والعمل فيها لم يجد ما يعيقه، مما آدى إلى وجود كثيرين من المثقفين في مراكز الجذب الثقافي أو الاقتصادي. ولكن من الناحية الثانية كان العسف والقهر من قبل القائمين على الحكم آمرا كثير الحدوث كما يظهر في
صفحه ۶