مثنيّ الحقيبة [١] على سكوت اللسان، فهي الرتبة العالية [٢] قرّبت درجاتها للمرتقين، والجنة العاجلة أزلفت طيّباتها للمتقين، وهذا حين أسوق صدر الكتاب إلى العجز، كما يساق الماء إلى الأرض الجرز «١» .
وكنت على ألّا أوارد «٢» [٣] الثّعالبيّ في يتيمته، ولا أزاحمه [٤] في كريمته، إلّا ما تجذبني شجون الأحاديث إليه، فأفرغ كلامي عليه.
وقد قيل: الحديث ذو شجون وشجونه أحسن منه. ثم تأملت الطّبقات القديمة، فوجدت فيها على اختلاف مصنّفيها شعر كلّ من الفضلاء مكررا، وفضل كلّ من الشعراء مقرّرا، فقلت: لو جفي فاضل فترك منسيّا كدارس الأطلال، ومنفيّا كنعل أخلقت من النّعال، ثم أعتذر عنه بأنّ بعض المؤلّفين أثبته فمحوناه، أو [٥] أنّ واحدا من المصنّفين وفى له فجفوناه، كان الفضل من جهته مظلوما، ولم يزل [٦] عند كافّة الفضلاء ملوما، فكررت في كتابي هذا أسماء
_________
[١]- في ف ١: الحقيقة.
[٢]- في ح: العلية.
[٣]- في ح وف ١: أراود.
[٤]- في ح وف ١: أزاحمه.
[٥]- في ب ٢ وف ١ ول ٢:
و[٦]- في ل ٢: ولا أزال.
1 / 32