وصبحان من عقل وشيب تنفسا ... ... فذا مسفر هاد وذاك سفير
أأترك نفسي بعد ذا بيد الهوى ... ... تسام كما جر الحمار جرير
وأوقرها شرا وفيها استطاعة ... ... إلى الخير والناهي الرقيب غيور
وإني وإن سومت نفسي بمسرح ... ... مراعية سم ناقع وشرور
يطور لي الشيطان أطوار كيده ... ... ونفسي له فيما يشاء نصير
فلست بمتروك سدى دون موقفي ... ... على الغي عقبى أشرفت ومصير
سيوقفني من رقدة اللهو ناعب ... ... يحط بمحتوم الردى ويطير
مقضي بي المحيا وجهلي مطيتي ... ... وقائدها دنياي وهي غدور
أمان وأوهام وزخرف باطل ... ... سراب بقيعان الفلاة يمور
محصلها بالكد والكدح راقب ... ... لفوت وتفريق إليه تحور
فليس سديدا جمع هم لجمعها ... ... ودائرة التفريق سوف تدور
سنتركها بالرغم وهي حبيبة ... ... ... ورب حبيب للنفوس مبير
ومن عجيب ميل النفوس لعاجل ... ... يحول على اكداره ويبور
وإسراعها في الغي إسراع آمن ... ... وناقد أعمال العباد بصير
متى أقلعت عنا المنون وهل لنا ... ... بغير طريق الغابرين عبور
أم الأمل الملهى براءة غافل ... ... ... من الموت أم يوم المعاد يسير
أتمرح إن شاهدت نعشا لهالك ... ... إليك أكف الحاملين تشير
ستركب ذاك المركب الوعر ساعة ... ... إلى حيث سار الأولون تسير
نقى من غبار الأرض بيض ثيابنا ... ... وتلك رفات الهالكين تطير
لي الويل هلا أرعوي عن مهالكي ... ... أما في المنايا واعظ ونذير
أما في عويل النائحات مذكر ... ... أم النوح حولي والبكاء صفير
أم الغارة الشعواء من أم قشعم ... ... يشن أصيل هولها وبكور
على كل نفس غير نفسي رزؤها ... ... ويمنعني منها حمى وستور
بلى سوف تغشاني متى حان حينها ... ... فيعجز عنها ناصر وعشير
وتفجأني يوما وزادي خطيئة ... ... واثم وحوب في الكتاب كبير
أرى الخطب صعبا والنفوس شحيحة ... على زخرف فإن مداه قصير
وتلك ثمار الجهل والجهل مرتع ... ... وخيم وداء للنفوس عقور
ولو حاولت نفس عن الشر نزعة ... ... تنازعها طبع هناك خؤور
فزجت بها الآمال في غمراتها ... ... إلى إن دهاها منكر ونكير
صفحه ۱۹