============================================================
ديوان الجيلانى ما بين الشعر والكتابة بلغة الاصطلاح، فهى تتر شعرى يتناول موضوعات التصوف بعبارة يغلب عليها التركيز الشديد فى اللفظ مع اتساع المعنى وبقد الدلالة وقد جعلنا لها القسم التانى من الديوان، وجمعناها تحت عنوان: المقالات الرمزية وبتأمل هذا النوع من التعبير الصوفى، تبدو لنا أدق حقائق التصوف التى اختبأت بين حروف الكلمات، وأشير إليها تلويحا وتلميحا لنفس الأسباب التى لت شعر الصوفية رمزيا ولم يكن الامام الجيلانى هو أول من كتب بالشكل الذى جاعت عليه هذه المقالات الذوقية الرمزية، فهو مسبوق بانتاج رائع من هذا النوع.. أعنى كتابة النفرى فى مواقفه ومخاطباته التى جاعت على نفس النحو من التركيز والالماح وعمق الدلالة، لتعبر عن هذه المشاهد الذوقية التى ذكر النفرى أنها كلما اتسعت فيها الرؤية، ضاقت العبارة كذلك فالامام الجيلانى لم يكن أخر من استخدم أسلوب هذه المقالات، فقد اصطنعه بعده أبو المواهب الشاذلى المتوفى أواخر القرن الثامن الهجرى ووضع به كتابه المعروف باسم (قوانين حكم الاشراق) وسار عليه أيضا- بتركيز أشد- شاذي آخر، هو ابن عطاء الله السكتدرى ، فى مؤلفه الصوفي الشهير: الحكم وأخيرا، فإن ما يضمه هذا الديوان من شعر الامام الجيلانى ومقالاته هما فى النهاية أمر ذوقى ، احتاج جمعه وتحقيقه الى تعلم الأبجدية الصوفية تلك الأبجدية التى لا تقرأ، إلا بعين القلب !
يوف زيدان الاسكتدرية فى يناير 1989 777.016
صفحه ۱۴