دین: بحوث ممهدة لدراسة تاریخ الادیان
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
ژانرها
والآن نأخذ في بيان النظرية المقابلة لها، وهي النظرية التي اشتهرت تسميتها باسم المذهب الحيوي
Animism ، ونسب إليها أن الأصل كان عبادة أرواح الموتى.
لا ريب عندنا في أن وضع المذاهب على هذا النحو من التقابل بين المادة والروح، فيه شيء كثير من اللبس بين منشأ الفكرة، وموضوع العبادة؛ فقد قلنا غير مرة: إن العبادة توجه دائما إلى مبدأ روحي غير مادي؛ وها قد رأينا آنفا رئيس المذهب الطبيعي «ماكس ميلر» يصرح بأن النظرة في عجائب الأفلاك والعناصر، لا تلبث أن تنتقل من قواها الطبيعية إلى قوى روحية ذات شخصية إرادية، وأنه لولا هذه النقلة ما كان لها أن تدخل في موضوع الأديان.
فالواقع أنه لا اختلاف في هذا القدر بين مختلف التفاسير؛ وإنما الخلاف في نقطة الابتداء وطريقة الانتقال: فبينما يرى المذهب الطبيعي أن هذه القوة أو القوى الروحية المسيطرة على العالم، إنما جاء الاعتقاد بها من طريق الحدس أو التأمل في عالم المادة - استرشادا بعظمة الصنعة ومعقوليتها، على مهارة صانعها وعاقليته، كما يستدل على وجود قوة عاقلة في الإنسان بمشاهدة آثارها المنظمة في الأقوال والأفعال، من غير أن يبصر أحد تلك القوة أو يلمسها - يرى المذهب المقابل له أن الاعتقاد في تلك الروح أو الأرواح الفعالة يستند إلى تجارب مباشرة في البيئة الإنسانية، فالنتيجة على التفسيرين واحدة، ولكن التجانس بين المقدمات والنتائح في هذا التفسير أشد منه في المذهب الطبيعي، فهناك الانتقال من مادة إلى روح، وهنا من روح إلى روح.
هذه النظرية الروحية قررها تيلور
Tylor
في كتاب «المدنية البدائية»
La Civilisation Primitive ، وتابعه عليها - مع تعديل يسير - الفيلسوف الإنجليزي هربرت سبنسر
Herbert Spenser
في كتاب «مبادئ علم الاجتماع»
صفحه نامشخص