دماء على بوابات العالم السفلي: دراسة أثرية حضارية
دماء على بوابات العالم السفلي: دراسة أثرية حضارية
ژانرها
تعد شاتال هويوك واحدة من أكثر المواقع الأثرية أهمية في بلاد الأناضول؛ إذ تجسد فيها التطور الحضاري بكل مراحله، وكانت عادات الدفن وعبادة الأسلاف هناك من أكثر الأمور وضوحا ولفتا للانتباه؛ فقد دفن سكان شاتال هيوك موتاهم تحت المصاطب ضمن البيوت أو في المخازن أو في الأفنية الخلفية، واحتفظوا بجماجم الموتى في مناطق واضحة بالمسكن. وكان الدفن يتم بعد معالجة وتنظيف الجثث إلا من الهياكل العظمية، وربما كانت الطيور الجارحة هي من تقوم بمهمة التنظيف هذه؛ وذلك بناء على ما أوضحته رسوم المعابد التي تصور الطيور الجارحة تهاجم أجسادا بشرية منزوعة الجماجم، وربما كان هذا يتم في الخلاء خارج القرية ثم كان يتم تجميع العظام وتدهن باللون الأحمر أو الأخضر، ثم تلف بالقماش؛ إذ إن أغلب الدفنات عثر عليها ملفوفة بالقماش أو الجلد، وكان هناك اهتمام بالغ بالجماجم؛ إذ عثر على بعض الجماجم الملونة باللون الأحمر، وقد وضعت أصداف مكان العيون.
30
مما يعكس وجود نزعة روحية واضحة خلال تلك الفترة.
وربما شكلت هذه الجماجم رمزا للأسلاف الموقرين، أو أعضاء مهمين داخل العشيرة، فحاول السكان الاحتفاظ بالقوى الروحية لزعمائهم المتوفين كنوع من الاحترام والتوقير، ولعل استخدام هذه الجماجم كان نوعا من الوساطة بينهم وبين أرواح المتوفين في العالم الآخر، ومن هنا ربما بزغت فكرة عبادة الأسلاف.
هذا وقد دفن سكان شاتال هيوك مع موتاهم العديد من الهبات والقرابين والتي اختلفت تبعا لجنس المتوفى ومكانته الاجتماعية. وقد تم التعامل مع الجماجم بشكل خاص؛ إذ أعيد تشكيل الأجزاء المتآكلة من الوجه، ويفترض أن من قام بعمل التجصيص للجماجم لا بد أن يكون شخصا متخصصا يمتلك قدرات خاصة سواء كمعالج أو كعراف.
31
ويمكن القول إن هذه الجماجم تدل على ما هو أكبر من مجرد الاعتقاد باستمرار الحياة؛ إذ حفظت كأوعية لقوة مقدسة إجلالا لأرواح أسلافهم؛ وبالتالي فإن فرضية عبادة الأسلاف هي الصيغة الأكثر قبولا بالنسبة للجماجم المجصاة في منطقة شرق البحر المتوسط.
32 (6) تل دومازتيب
يقع في جنوب تركيا في منطقة بين سهول كيليكية والبحر الأبيض المتوسط في الغرب وإلى الجنوب من سهل العمق.
33
صفحه نامشخص