نظر إلى غلام بديع الجمال فوقع حبه في قلبه فافتتن به فسأل عنه فأخبر عن أبيه وكان ممن يتردد إلى الشيخ فاجتمع معه وقال له لم لا تحضر ولدك يتعلم عندي العلم قال له أنه يحضر علم الحساب عند بعض المشايخ فقال أنا أقرأ قبل شيخه فإذا حضر عندي يكون محصلا للفضيلتين فأجابه لذلك وأمر ابنه بما ذكر فتوجه الغلام عند الشيخ يحيى فأجلسه بجانبه وأطال القراءة في ذلك اليوم أكثر من الأيام الماضية فلما انقضى الدرس وأراد الغلام الإنصراف لقراءة علم الحساب دفع له الشيخ يحيى رقعة وقال أدفعها إلى شيخك فلما حضر قال له ما أبطأك عن الحضور فأخبره بالقصة ودفع له الورقة فإذا فيها:
يا جاعلا علم الحساب وسيلة ... تصطاد فيه فاتن الألباب
إن كنت في علم الحساب رزقته ... فالله يرزقنا بغير حساب
فكتب له على ظهر الرقعة وأمره أن لا يحضر عنده بعدها فأخذ الغلام الرقعة ودفعها للشيخ يحيى فإذا فيها:
لهوت به ظبيا غريرا مهفهفا ... ومذ صار تيسا بعته للمسالخي
ومما نقلته أن أحد أمراء العرب كان عنده جماعة من أجلاء العرب فقام صاحب المنزل إلى الطهارة وعاد وهو قابض بيده على شيء من تحت ثوبه كهيئة المستبرىء من البول ودخل على الجماعة وهو على تلك الصفة قال من يأخذ الذي بيدي إلى زوجته فأطرق القوم خجلا فقام رجل منهم وقال زوجتي أولى به يا أمير العرب فأطلق الأمير يديه وقال هو لك خذه وإذا بعقد مجوهر في يده فبهت القوم وحسدوا الرجل فقال الأمير للرجل ما أجرأك على ذلك قال ثقتي أنه لا يظهر منك إلا الكمال فدفع له ألف دينار.
ذكر ابن خلكان في تاريخه في ترجمة يحيى بن أكثم ما نصه رأيت في بعض المجاميع أنه أي يحيى بن أكثم مازح الحسن بن وهب وهو يومئذ صبي ثم جمشه فغضب الحسن فأنشد يحيى:
أيا قمرا أجمشته فتغضبا ... وأصبح لي من تيهه متجنبا
إذا كنت للجمش والعض كارها ... فكن أبدا يا سيدي متنقبا
ولا تظهر الاصداغ للناس فتنة ... وتجعل منها فوق خديك عقربا
فتقتل مشتاقا وتفتن ناسكا ... وتترك قاضي المسلمين معذبا
قال صاحب التالد والطريف أنشد الشيخ أبو إسحاق الشيرازي إمام الشافعية لنفسه:
جاء الربيع وحسن ورده ... ومضى الشتاء وقبح برده
فأشرب على وجه الحبي ... ب ووجنتيه وحسن خده
قال ابن السمعاني قال لي المظفر شعيب بن الحسين القاضي أنشدني الشيخ
صفحه ۲۷۹