ولنذكر طرفا من سيرة السيد المقام، الصدر الرئيس الفهام، شمس الدين: أحمد بن الحسين بن عز الدين بن أمير ا لمؤمنين الحسن بن أميرالمؤمنين -عليه السلام-، فنقول: قد تقدم في أثناء سيرة الإمام أحمد بن عز الدين ما فيه كفاية في الدلالة على رئاسته وشجاعته، وحسن شمائله، وقد ذكرنا أنه تقدم إلى السيد فخر الدين المطهر بن [الإمام] شرف الدين ولبث عنده في الحصن المسمى الجاهلي مدة تقرب من اثني عشرة سنة، وقابله المطهر هو وسائر من لديه بغاية الإنصاف والرعاية والإتحاف، وقام به وبجميع من لزم به من إخوانه، وخواصه وعساكره هذه المدة، وفي سنة أربع وسبعين عزم من الجاهلي إلى جهات خولان وتقدم إلى عرو، وحصل بينه وبين أمير صعدة من الأتراك يومئذ وهو الأمير علي وقعة كبيرة بعرو، كانت الدائرة فيها على الأتراك، واستقوت شوكته من تلك الوقعة؛ لأنه غنم غنائم جمة من الخيول، والبنادق، وجميع الأموال، ولبث في عرو أياما، ثم التقى هو والأمير عز الدين محمد بن ناصر الحمزي في النهود من صعيد صعدة، واتحد حالهما، وتقدما على صعدة فحاصراها في المشهد قدر شهرين، وافتتحوها عنوة، وبقى أمير صعدة في المنصورة شهرا وأياما، ثم خرج بأمان منهما، وكانت طريقه إلى الجوف، ثم إلى صنعاء، واستمرسكناهما بصعدة حول خمس سنين وحصل بينهما مالا تطيب به النفوس، فخرج السيد إلى ساقين، وأقام بها قدر شهرين، وخالف الأمير علي بن الشويع [ فوصل من الجوف في عينه من أصحابه إلى علاف، والتقاهم بعض ثقات السيد هنالك، ثم انتقل من ساقين إلى الهجرة المقدسة ووقف بها والأمير علي بن الشويع] بعلاف، ثم حصل بين السيد والأمير محمد بن الناصر اتفاق بخطم فللة، ولم يحصل بينهما سداد، فرجع السيد إلى الهجرة، والأمير محمد إلى صعدة، وكان في اليوم الثالث من الإتفاق وجهز السيد المذكور محطة إلى حرف بني معاذ، وتقدم من الهجرة والتقى هو والأمير علي بن الشويع حول حرف بني معاذ، وتقدمت المحاط على صعدة، وخرج الأمير محمد بن الناصر [من صعدة]، فكان الحرب بين المذكورين حول الصحن ببئر القبة وكانت الدائرة فيه على الأمير محمد بن ناصر، وانهزم إلى الجوف، وتقدم السيد إلى صعدة [في] تلك الليلة، واستمرت مملكته بصعدة مدة ثمانية عشر سنة، وخرج إلى الجوف وحط على الزاهر، وعزم الأمير محمد بن ناصر منه الحصن المسمى بكبكها ، وطلب الصلح بينه وبين السيد المذكور، فأصلحه، ورجع [السيد] إلى صعدة، وخرج مرة أخرى إلى الزاهر وأخرب الزاهر، وخرج مرة ثالثة أيضا إليه، وأغار على السيد المطهر بن الإمام في مدته مرتين:
صفحه ۱۹۹