قلت: يعني الإمام صلاح بن علي(2) [عليه السلام](3) فبسط العسكر أيديهم في البلاد وقتلوا الفقيه أحمد بن زيد الشاوري(4) وقتل معه جماعة من أهل بلده ونهب بيت الفقيه المذكور وكان فيه أموال جمة مودعة للناس، قال: وكان الفقيه في غاية من العلم والعمل، وقتل ظلما وعدوانا، [قال]:(5) ولم تطل مدة الإمام بعده، إلى أن قال: وفي شهر شعبان ركب الإمام [صلاح بن علي عليه السلام](6) لبعض ما يريد، فبينا هو سائر على بغلته، إذ أقبل طائر من الجو قاصدا وجه البغلة، فنفرت البغلة نفرة شديدة ألقت الإمام عن ظهرها، فتعلقت إحدى رجليه بالركاب، فازدادت البغلة نفورا، فأنعسفت رجله، وكان موضع وعر لم(7) يتمكن الحاضرون من تخليصه حتى لزموا البغلة. وقيل: عقروها، ثم حمل من موضعه ذلك على ظهور الرجال إلى أن دخلوا به حصن ظفار، فأقام هنالك أليما ثم انتقل بعد ذلك الى صنعاء وهو يجد شيئا من الألم، ولكنه يظهر الجلد، فأقام في صنعاء أليما إلى أن توفي، قال: وقيل: حدث به ألم(8) ومرض آخر إلى أن توفي انتهى كلام الخزرجي. ولم نأخذ منه إلا قطرة من سيول كثيرة غزيرة ولا غرو من الخزرجي ولا غيره فإن أئمة الحق هم الذين نغصوا دنياهم وكدروا أيامهم وشابوا نعيمهم الزايل بالريح والبلابل حتى استقام الحق وظهرت الشرائع[340] وأضاء الاسلام وأنارت سبله، وارتفع أهله {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة وإن الله لسميع عليم}[الأنفال:42]، يا ويله ألم يسمع الله سبحانه وتعالى يقول: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين}[القصص:83].
وأما ما شنع به من قتل الفقيه أحمد بن زيد الشاوري، فاعلم أيها الناظر بعين البصيرة أن أئمة الهدى لا يقدمون على مثل هذا إلا عن بصيرة وعلم، والمذكور كان من علماء الجبرية القدرية(1) المشتهرين بذلك.
صفحه ۱۱۱