258

نور درخشان برای مردم سده نهم

الضوء اللامع

ناشر

منشورات دار مكتبة الحياة

محل انتشار

بيروت

الْبكْرِيّ التَّيْمِيّ الْمَكِّيّ ثمَّ الزبيدِيّ الصُّوفِي ثمَّ القَاضِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الرداد. / ولد فِي خَامِس عشري جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وتفقه بِأَبِيهِ وَغَيره وَسمع من بعض الشُّيُوخ بِمَكَّة وَأَجَازَ لَهُ من دمشق أَبُو بكر بن الْمُحب وَعمر بن أَحْمد الجرهمي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد الْمَقْدِسِي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن الصفي الغزولي وَآخَرُونَ وَلم يكن عِنْده رِوَايَة على قدر سنه، وَدخل الْيمن فاتصل بِصُحْبَة الْأَشْرَف إِسْمَاعِيل بن الْأَفْضَل فلازمه وَاسْتقر من ندمائه ثمَّ صَار من أخصهم بِهِ وَغلب عَلَيْهِ وَلم يكن يَنْقَطِع عَنهُ يَوْمًا وَاحِدًا وَكَذَا لَازم صُحْبَة الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الجبرتي، وَكَانَت لَدَيْهِ فَضَائِل كَثِيرَة ناظما نافرا ذكيا إِلَّا أَنه غلب عَلَيْهِ حب الدُّنْيَا والميل إِلَى تصوف الفلاسفة وَكَانَ دَاعِيَة إِلَى هَذِه الْبِدْعَة الَّتِي ذاقها وَعرف مغزاها يعادي عَلَيْهَا وَيقرب من يعْتَقد ذَلِك المعتقد وَمن عرف أَنه حصل نُسْخَة بالفصوص قربه وَأفضل عَلَيْهِ وَأكْثر من النّظم والتصنيف فِي ذَلِك الضلال الْبَين إِلَى أَن أفسد عقائد أهل زبيد إِلَّا من شَاءَ الله، ونظمه وشعره ينعق بالاتحاد وَكَانَ المنشدون يتحفظونه لإنشاده فِي المحافل تقربا بذلك وَله تصانيف فِي التصوف، وعَلى وَجهه آثَار الْعِبَادَة لكنه يُجَالس السُّلْطَان فِي خلواته وَيُوَافِقهُ على شهواته من غير تعاط مَعَهم لشَيْء من الْمُنْكَرَات وَلَا تنَاول للمسكرات، وَولي الْقَضَاء بعد وَفَاة الْمجد)
الشِّيرَازِيّ بِثَلَاث سِنِين لكَون النَّاصِر بن الْأَشْرَف تَركه شاغرا بعد الْمجد هَذِه الْمدَّة ينْتَظر قدوم شَيخنَا عَلَيْهِ ليوليه إِيَّاه فَلَمَّا طَال الأمد سعى فِيهِ بعض الأكابر للفقيه النَّاشِرِيّ فخشي صَاحب التَّرْجَمَة من تمكنه من الْإِنْكَار على المبتدعة بِحَيْثُ يواجه ابْن الرداد بِمَا يكره وَكَانَ الْمجد يداهنه فبادر من أجل ذَلِك بِطَلَب الْوَظِيفَة من النَّاصِر والناصر لَا يفرق بَين الرجلَيْن ويظن أَن هَذَا عَالم كَبِير فولاه لَهُ مَعَ كَونه مزجي البضاعة فِي الْفِقْه عديم الْخِبْرَة بالحكم فأظهر العصبية وانتقم مِمَّن كَانَ يُنكر عَلَيْهِ بدعته من الْفُقَهَاء فاهانهم وَبَالغ فِي ردعهم والحط عَلَيْهِم فعوجل وَمَات عَن قرب وَذَلِكَ فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَعشْرين وصاروا يعدون مَوته من الْفرج بعد الشدَّة. قَالَه شَيخنَا فِيمَا اجْتمع من أنبائه ومعجمه قَالَ وَقد سَمِعت من نظمه وَمن فَوَائده وَسمع عَليّ بزبيد جُزْءا من الحَدِيث وَسمع بِقِرَاءَتِي وَأَجَازَ فِي استدعاء أَوْلَادِي فِي أول سنة وَفَاته قلت وَذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ لَهُ شعر جيد فَمِنْهُ:
(وَلَو أَن لي مَا كَانَ فِي الْكَوْن كُله ... وَكَانَت لي الأكوان بِالْأَمر سَاجِدَة)

1 / 261