فمن كان بهذه الصفة ، فليسوا بالعقلاء الذين يخاطب الله - عز وجل - أمثالهم ، إلا أن تجاهلوا تعمدا .
ذكر المن والفضل والعدل والإحسان ومن قال إنها من صفات الله
وأما قولهم : إن المن والفضل والعدل والإحسان من صفات الباري سبحانه .
اعلم يا أخي أن الله تبارك وتعالى خالق لم يزل ، وفاعل ومثيب ومعاقب ومحيي ومميت ومان ومنعم ومحسن وعادل لم يزل ، فإن كان مرادهم فهو جائز ، وهذه أسماؤه وصفاته ، وإن كان مرادهم أن المن نفسه والفضل والعدل والإحسان صفات لله تعالى ، فليلحقوا بها الخلق والرزق والفعل وجميع المحدثات . ولا يقولها مرشد .
فإن قال قائل : ولم أجزتم عليه خالقا ورازقا لم يزل ؟ ... وهل الخلق والرزق موجودان في الأزل ؟
قلنا وبالله التوفيق :
إن الأسماء لا تقتضي الأوقات ، والفاعل يصلح اسما لما يأتي ولما مضى ولما أنت فيه ، هذا رجل حاج يريد يحج ، وهذا حاج مشتغل بالحج ، وهذا حاج على أنه سيحج .
فمن امتنع عن هذا فقل : كابر عن فعل خليل الله - عز وجل - صلوات الله عليه وسلامه ( هو سماكم المسلمين من قبل ) . فمن لم يدخل في تلك التسمية لم يدخلها بعد ، والسلام .
والعجب كل العجب من هؤلاء القوم إنهم يرغبون في الكثرة ويرغبون عن الوحدة . فما حاجتهم إلى الكثرة والعدد في توحيد الله - عز وجل - ؟
فإن كان مرادهم مدحه فبأن يفردوه أولى من أن يملأوا الأزل عليه قدماء ، ولينقصوا من هذا العدد الطويل فهو أولى بالجليل ، وهذا حين جعلوا السمع والبصر من المعاني السبعة القائم بالذات : ذات الباري سبحانه ، والسمع والبصر فرعا العلم ، أو ليس البصر كناية عن درك الألوان ؟ والسمع كناية عن درك الأصوات ؟ فهما نفس العلم .
وإن كان مرادهم كثرة المعاني في الأزل مع الباري سبحانه ، فعليهم بالطعوم فلينحلوه الذوق ويجعلوه ثامنا .
وعليهم بالروائح فلينحلوه الشم ويجعلوه تاسعا .
صفحه ۶۶