وعلى هذا القول : السيئة دون الصغيرة ، والصغيرة غير مكفرة باجتناب الكبائر ، وهو قول ابن عباس : ( ليس فيما يعصى الله به صغير ) ، فإنه ذهب إلى مناهي القرآن أنها الكبائر ، ومناهي السنة هي الصغائر وليست بمعصية ، ولم تدخل في الغفران باجتناب الكبير ، ولا تدخل في الغفران إلا السيئة فما دونها وهي الخطيئة ، ولم تدخل السيئة في المعصية فوقع الإجماع على السيئة فما دونها بدليل الخطاب وبقيت المعصية كلها في الوعيد والكبير .
وقال الشيخ : لأن الكبيرة لا تغفر إلا بالتوبة ، قال الله - عز وجل - : ( إن الله يغفر الذنوب جميعا ) وقال ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن شاء ) .
وقال : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) .
وقال : ( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ) .
فأطلق في الأولى ولم يشترط . فقال : ( إن الله يغفر الذنوب جميعا ) .
وأطلق في الرابعة ولم يشترط فقال : ( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ) . فجاءت الآيتان عموما .
ومن شرط العموم أن حكم الخصوص جار عليه وحاكم عليه فخص في الآيتين المتوسطتين ، وعلق الغفران إلى التوبة ، فقال : ( وإني لغفار لمن تاب ) . فاجتمعت الأمة على هذا وصح ، وأطلق أهل السنة المشيئة على الكل قلنا : والشرك ؟ قالوا : لا . فخصوا .
قال جابر بن زيد - رضي الله عنه - : ( قد أخبرنا الله - عز وجل - عن مشيئته فقال : قد شاء أن يغفر بالتوبة قال الله - عز وجل - : ( وإني لغفار لمن تاب ) .
والثاني : الحسنة . قال الله تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) .
والثالث : المصائب : قال الله تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) . وقال : ( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) . فوعدهم أعظم من الغفران .
صفحه ۴۹