والأرضين ، التي لا تخفى ولا تتوارى ، عن كل من يبصر بعين أو يرى ، (1) أو يحس بحاسة حسا ، أو يتوجس توجسا ، لأن كل أحد من الناس ، لا يخلو من حس أو إيجاس ، والإحساس ما يحس المحس (2) بحواسه ، والتوجس فما يكون بالنفس (3) بالتوهم من إيجاسه ، (4) فكل ذي نفس ، أو درك يحس بحس ، أو بحسوس أثر بالأرض (5) والسماء ، وبماله (6) من الأعضاء ، ففي إحساسه أو إيجاسه بأقل درك ، (7) بغير ما مرية ولا شك ، ما دله على الصنع (8) والتركيب ، وعلى ما لله في ذلك من التدبير العجيب ، الذي لا يكون أبدا أصغره ، إلا وهو دليل مبين على من دبره ، لا ينكر ذلك أو يجحده ، من يحسه ويجده ، إلا بمكابرة ليقين نفسه ، ومكابرة لدرك حسه ، ومن صار إلى تلك من الحال ، خرج من حدود المنازعة والجدال ، ولم ينازعه بعد ذلك (9) ويجادله ، إلا من هو في الجهل مثله. ولذلك ما يقول الله جل ثناؤه لرسوله : ( فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا (29) ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ) (30) [النجم : 29 30]. فأخبر سبحانه أن مبلغ من أعرض عن ذكره وتولى ، ولم يرد كما قال الله جل ثناؤه إلا الحياة الدنيا ، في فهمه وعلمه بدنياه ، وما يريده منها ويرضاه، (10) مبلغ البهائم في علمها بدنياها ، (11) وما تريده البهائم فيها من متعتها ومرعاها ، ومن أجل ذلك ولذلك ،
صفحه ۲۷۷