ثم نادى: هل فيكم رجل يعرف المنافقين؟ فأمسك الناس، فنادى الثانية فلم يجبه أحد، فنادى: أين حذيفة بن اليمان.
قال حذيفة: وكنت في هم (1) من العلة، وكانت الهراوة بيدي، وكنت أميل ضعفا، فلما نادى باسمي لم أجد بدا أن ناديت: لبيك يا رسول الله. وجعلت أدب فلما وقفت بين يديه، قال: يا حذيفة، هل تعرف المنافقين؟
قال حذيفة: ما المسؤول أعلم بهم من السائل.
قال: يا حذيفة، ادن مني فدنا حذيفة من النبي، فقال النبي: استقبل القبلة بوجهك. قال حذيفة: فاستقبلت القبلة بوجهي، فوضع النبي يمينه بين منكبي، فلم يستتم وضع يمينه بين كتفي حتى وجدت برد أنامل النبي في صدري، وعرفت المنافقين بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم (2)، وذهبت العلة من جسدي، ورميت بالهراوة من يدي، وأقبل علي النبي فقال: انطلق حتى تأتيني بالمنافقين رجلا رجلا.
قال حذيفة: فلم أزل أخرجهم من أوطانهم، فجمعتهم في منزل النبي وحول (3) منزله، حتى جمعت مائة رجل واثنين وسبعين رجلا، ليس فيهم رجل (4) يؤمن بالله و (5) يقر بنبوة رسوله.
قال: فأقبل النبي على علي (عليه السلام) وقال: إحمل هذه الصحفة إلى القوم.
قال علي: فأتيت لأحمل الصحفة، فلم أقدر عليها، فاستعنت بأخي جعفر وبأخي عقيل، فلم أقدر عليها، فلم نزل نتكامل حول الجفنة إلى أن صرنا أربعين (6) رجلا فلم نقدر عليها، والنبي قائم على باب الحجرة ينظر إلينا ويتبسم، فلما أن علم
صفحه ۹۷