دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
ناشر
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
محل انتشار
توزيع
ژانرها
مِنَ التَّخْصِيصِ غَيْرَ صُورَةِ النِّزَاعِ إِلَّا تَخْصِيصٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِمَا لَمْ يُذْكَرْ عَلَيْهِ اسْمُ غَيْرِ اللَّهِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ.
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْأَقَلَّ تَخْصِيصًا مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَكْثَرِ تَخْصِيصًا، كَمَا أَنَّ مَا لَمْ يَدْخُلْهُ التَّخْصِيصُ أَصْلًا مُقَدَّمٌ عَلَى مَا دَخَلَهُ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ. وَخَالَفَ فِيهِ السُّبْكِيُّ وَالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ، وَبَيَّنَ صَاحِبُ نَشْرِ الْبُنُودِ فِي شَرْحِ مَرَاقِي السُّعُودِ فِي مَبْحَثِ التَّرْجِيحِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمَرْوِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ:
تَقْدِيمُ مَا خُصَّ عَلَى مَا لَمْ يَخُصْ ... وَعَكْسُهُ كُلٌّ أَتَى عَلَيْهِ نَصْ
أَنَّ الْأَقَلَّ تَخَصُّصًا مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَكْثَرِ تَخْصِيصًا، وَأَنَّ مَا لَمْ يَدْخُلْهُ التَّخْصِيصُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا دَخَلَهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأُصُولِيِّينَ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا السُّبْكِيُّ وَصَفِيُّ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ.
وَالثَّانِي: مَا نَقَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَكْحُولٍ أَنَّ آيَةَ: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ نَاسِخَةٌ لِآيَةِ: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّ مُرَادَهُمْ بِالنَّسْخِ التَّخْصِيصُ، وَلَكِنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ التَّخْصِيصَ بَعْدَ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ نَسْخٌ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ بَيَانٌ وَالْبَيَانُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ.
وَيَدُلُّ لِهَذَا أَنَّ آيَةَ: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَآيَةُ: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنَ «الْمَائِدَةِ» وَهِيَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالْمَدِينَةِ، وَأَمَّا آيَةُ التَّحْرِيمِ فَيُرَجَّحُ عُمُومُهَا بِمَا قَدَّمْنَا مِنْ مُرَجِّحَاتِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ لِأَنَّ كِلْتَاهُمَا دَلَّتْ عَلَى نَهْيٍ يَظْهَرُ تَعَارُضُهُ مَعَ إِبَاحَةٍ، وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ذَبِيحَةَ الْكِتَابِيِّ لَهَا خَمْسُ حَالَاتٍ لَا سَادِسَةَ لَهَا:
الْأُولَى: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ سَمَّى اللَّهَ عَلَيْهَا، وَفِي هَذِهِ تُؤْكَلُ بِلَا نِزَاعٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِ الشِّيعَةِ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ لَا يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ.
1 / 76