دعوت به فلسفه
دعوة للفلسفة: كتاب مفقود لأرسطو
ژانرها
156
ونحن نحدد الحياة «بوجود» الإدراك والقدرة، فإذا انتزعت هذه القدرة لم تعد الحياة تستحق العيش، ويبدو الأمر في هذه الحالة وكأن الحياة - ومعها الإدراك - قد قضي عليها. (ب75) وتتميز قوة
157
الإبصار عن سائر أعضاء الحس؛ لأنها أشدها حدة؛ ولهذا أيضا نقدرها تقديرا يفوق «كل ما عداها». إن كل إدراك هو القدرة على معرفة شيء عن طريق الجسم، كما يدرك السمع الأنغام عن طريق الأذنين؛ (ب76) فإذا كانت الحياة جديرة بالاختيار بسبب الإدراك، وكان الإدراك نوعا من المعرفة، وإذا كنا نفضل الحياة لأن النفس تستطيع أن تتوصل إلى المعرفة عن طريق الإدراك، (ب77) ثم إذا كان الأحق بالاختيار بين شيئين هو دائما - كما قلت منذ قليل - ذلك (الشيء) الذي يتصف بنفس الصفة (المرغوبة). «إذا صح ما سبق» لزم أن يكون الإبصار أجدر الإدراكات الحسية
158
بالاختيار وأشرفها جميعا، وأن تكون المعرفة الفلسفية أولى بالاختيار من هذه الحاسة ومن سائر الإدراكات الحسية، (بل) ومن الحياة نفسها؛ لأنها (أي المعرفة الفلسفية) هي سيدة الحقيقة، وهذا هو السبب «الذي يدفع» الناس جميعا على السعي إلى المعرفة وتفضيلها على أي شيء آخر. (ب78) أما أن أولئك الذين يختارون الحياة العقلية
159
قادرون على أن يعيشوا أهنأ حياة ممكنة، فذلك ما سيتضح مما يأتي بعد. (ب79) يبدو أن من الممكن الكلام عن الحياة بمعنيين؛ «فنحن نتكلم عنها» من جهة القوة كما نتكلم عنها من جهة الفعل، ونحن نصف جميع الكائنات الحية التي لها أعين وولدت قادرة على الإبصار بأنها (كائنات) مبصرة، سواء أغمضت عيونها عرضا أو استخدمت قدرتها على الرؤية وأبصرت شيئا، ويصدق الشيء نفسه على العلم والمعرفة، فنصف أحدهما بأنه الاستخدام والنظر الفعلي
160
ونصف الآخر بأنه امتلاك المقدرة والحصول على العلم. (ب80) إذا كنا نميز الحياة من عدم الحياة على أساس امتلاك القدرة على الإدراك الحسي أو عدم امتلاكها، وكنا نتكلم عن الإدراك بمعنيين؛ بالمعنى اللغوي المعتاد من الاستخدام الفعلي للإدراك، وكذلك بمعنى إمكان الإدراك
صفحه نامشخص