قوله (ولتكملوا العدة) بالتشديد والتخفيف «1» عطف على تعليل لمحذوف «2»، أي شرع لكم ما ذكر من الأحكام لتعلموه ولتتمموا «3» عدد أيام الشهر لقوله عليه السلام: «الشهر بضع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فان غم عليكم فأكملوا العدة ثلثين» «4» أو المراد لتكملوا عدد أيام الشهر بقضاء إفطاركم بالمرض أو بالسفر (ولتكبروا الله) أي تعظموه حامدين (على ما هداكم) إليه من الصوم وهو علة تعليمه إياكم كيفية القضاء والخروج عن عهدة الفطر، وقيل: التكبير ليلة الفطر «5» أو «6» هو التكبير عند الإهلال «7»، وقيل: هو التكبير يوم الفطر «8» (ولعلكم تشكرون) [185] الله على هذه النعمة حيث رخص لكم الفطر في المرض والسفر فهو تعليل لأجل الترخيص والتيسير.
[سورة البقرة (2): آية 186]
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون (186)
قوله (وإذا سألك عبادي) نزل حين سأل بعض أصحاب النبي عليه السلام عنه أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه «9»، فقال تعالى إيماء إلى سرعة إجابة الدعاء منهم إذا سألك عبادي (عني فإني قريب) أي فقل لهم إني قريب علما وإجابة كمن قرب مكانه فاذا دعى أسرعت تلبيته (أجيب) أي أسمع للإجابة (دعوة الداع إذا دعان) أي في أي وقت يدعوني، قرئ بالياء فيهما وبحذفهما «10» (فليستجيبوا لي) أي ليجيبوني إذا دعوتم «11» إلى الإيمان والطاعة كما أني أجيبهم إذا دعوني بحوائجهم (وليؤمنوا بي) أي ليصدقوا بتوحيدي (لعلهم يرشدون) [186] إلى الهدى من الضلالة.
[سورة البقرة (2): آية 187]
أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون (187)
قوله (أحل لكم) نزل حين واقع عمر رضي الله عنه أهله في رمضان بعد صلوة العشاء الأخيرة «12» بعد النوم وكان الأكل والشرب والجماع حراما في رمضان بعد النوم في ابتداء الإسلام، فلما اغتسل لام نفسه وبكى، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتذر إليه مما فعل، فقال عليه السلام: «ما كنت جديرا بذلك يا عمر»، فرجع مغتما، فقام رجال فاعترفوا بما صنعوا بعد العشاء فجاء بشارة الإباحة بقوله «أحل» «13»، أي أبيح لكم (ليلة الصيام الرفث) أي الجماع أو هو كل ما يراد من النساء كالغمز والتقبيل (إلى نسائكم) وعدي الرفث هنا ب «إلى»،
صفحه ۹۴