ورطلا من طعام وثلث رطل عند الشافعي رضي الله عنه «1» وهو المد ويفطروا ذلك اليوم، قرئ برفع «فدية» مع التنوين وأبدل «طعام» بالرفع منها أو هو خبر مبتدأ محذوف، أي هي طعام بمعنى الإطعام وبرفعها بدون التنوين لإضافتها إلى «طعام» كخاتم فضة، لأن الفدية يكون طعاما وغير طعام، وقرئ «مساكين» جمعا بفتح النون ومفردا بجرها «2» (فمن تطوع خيرا) أي زاد على الواجب عليه أو على مسكين واحد مكان كل يوم يفطره «3» (فهو) أي فالتطوع (خير له)، قوله (وأن تصوموا) أي صيامكم وجهدكم طاقتكم في محل الرفع مبتدأ، خبره (خير لكم) أيها المطيعون من الفدية وتطوع الخير والإفطار (إن كنتم تعلمون) [184] أن ذلك خير لكم فصوموا، لأن فيه امتثال الفرض وكثرة الثواب.
[سورة البقرة (2): آية 185]
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون (185)
قوله (شهر رمضان) خبر مبتدأ محذوف وهو هي، أي الأيام المعدودات شهر رمضان (الذي أنزل فيه القرآن) من اللوح المحفوظ جملة واحدة ليلة القدر إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم نزل به جبرائيل نجوما في عشرين سنة، قيل: نزلت التورية في ثنتي عشرة ليلة مضت من رمضان، والإنجيل في ثمان عشر منه والقرآن في أربع وعشرين منه «4»، و«رمضان» مصدر من رمض إذا احترق وسمي به الشهر لاحتراق الصائمين فيه من شدة الجوع والعطش، ولا ينصرف للتعريف والألف والنون المزيدتين، قوله (هدى) نصب على الحال، أي هديا (للناس) إلى الحق (وبينات) أي دلالات واضحات (من الهدى) أي مما يهدى به إلى الحق من الوحي وكتبه السماوية (والفرقان) أي الفارق بين الهداية والضلالة والحق والباطل من الحدود والأحكام بحيث لا يبقى للناس عذر لأن يقولوا لو لا أرسلت إلينا رسولا فنتبع إياك من قبل أن نذل ونخزي، وذكره يفيد المبالغة والتوكيد في الهداية بعد ذكره أولا هدى للناس (فمن شهد منكم الشهر) أي من حضر منكم في الشهر وهو مقيم صحيح (فليصمه) أي ليصم الشهر، فالضمير ظرف لا مفعول به (ومن كان مريضا أو على سفر) فأفطر (فعدة) أي فعليه عدة الأيام المعدودة التي أفطرها (من أيام أخر) يقضيه بعد ذلك، وإنما أعاد هذا الشرط ليعلم أن هذا الحكم ثابت في الناسخ كما كان ثابتا في المنسوخ الذي هو التورية والإنجيل، واختلف في المرض المبيح للإفطار، بعضهم يرى الفطر المطلق المرض حتى يراه لوجع السن أو الإصبع، وبعضهم أباحه بالمرض الذي يجوز معه الصلوة قاعدا أو يخاف أن يزيد الصوم في مرضه، وبعضهم قال: إذا أجهده المرض «5» أفطر وإلا فهو كالصحيح وهو مروي عن الشافعي «6»، واختلف في السفر، منهم من يجوز الفطر في السفر ومنهم من لم يجوزه، بل فرضه فيه حتى يوجب القضاء على من صام في السفر وهو القول القديم للشافعي، ومنهم من يفضل الفطر في السفر، وبعضهم يفضل الصوم فيه وهو قوله الجديد «7»، والسفر المبيح للفطر ستة عشر فرسخا يقصر فيه الصلوة عند الشافعي، ومسيرة ثلثة أيام وليالها عند أبي حنيفة رضي الله عنه «8» (يريد الله بكم اليسر) أي السهولة في الإفطار بالسفر والمرض (ولا يريد بكم العسر) أي المشقة بالصوم في المرض وفي السفر،
صفحه ۹۳