إلى يوم القيمة» «1»، والزهرة قد صارت إلى النار كسائر الأشياء الممسوخة التي لم يبق لها أثر «2»، وقيل: صعدت إلى السماء باسم الله الأعظم الذي تعلمت منهما فمسخت كوكبا «3»، روي: أن عمر رضي الله عنه كان إذا نظر إلى الزهرة في السماء لعنها، وقال: «إنها فتنت الملكين في الأرض» «4»، قوله (ولقد علموا) تأكيد لعدم النفع لهم في الآخرة واللام فيه لتوكيد القسم وفي (لمن اشتراه) لتوطية القسم، و«من» مبتدأ ، أي والله لقد علم اليهود في التورية لمن اشترى السحر واختاره (ما له) أي ليس له (في الآخرة) أي في الجنة (من خلاق) أي من نصيب وهو جواب القسم وخبر المبتدأ (ولبئس ما شروا) أي لبئس ما باعوا (به) أي هو السحر (أنفسهم) لأنه أوجب لهم النار، وهذا جواب قسم محذوف، تقديره: والله لبئس ما شروا به أنفسهم واختاروه على كتاب الله وسنن أنبيائه (لو كانوا يعلمون) [102] أي يعلمون ذلك بعلمهم «5» وجواب «لو» محذوف، يعني لو انتفعوا بعلمهم لامتنعوا من اختيار السحر، فجعلوا لعدم العمل بالعلم كأنهم لا يعلمون.
[سورة البقرة (2): آية 103]
ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون (103)
(ولو) ثبت (أنهم) أي اليهود (آمنوا) بالقرآن وبمحمد عليه السلام (واتقوا) السحر واليهودية، وجواب «لو» قوله (لمثوبة) وهو مبتدأ، أي لثواب كائن لهم على الدوام (من عند الله) صفة والخبر (خير لو كانوا يعلمون) [103] أن ثواب الله خير لهم مما هم فيه، ولقد علموا لكن جهلهم الله لعدم انتفاعهم بعلمهم ولم يقل لمثوبة الله بالإضافة، لأن المعنى لشيء من الثواب خير لهم، فالتنوين يدل على التقليل.
[سورة البقرة (2): آية 104]
يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم (104)
قوله (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا) لرسول الله (راعنا) نزل نهيا للمؤمنين عن القول به «6»، إذ كانت هذه الكلمة عند اليهود كلمة سب بلغتهم بمعنى الحمق والرعونة، فلما سمعوا ذلك سروا بها، وقالوا كنا نسب محمدا سرا فأظهروا الآن، وكانوا يقولونها للنبي عليه السلام ويضحكون، فأمر الله المؤمنين بأن يقولوا بلفظ أحسن، أي لا تقولوا راعنا، أي احفظنا، يعني فرغ سمعك لاستماع كلامنا (وقولوا انظرنا) أي انظر إلينا برعايتك (واسمعوا) ما تؤمرون به سماع قبول وطاعة، ثم ذكر الوعيد لمن خالف أمره كجحده بقوله (وللكافرين) بما أمر الله (عذاب أليم) [104] أي وجيع دائم.
[سورة البقرة (2): آية 105]
ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم (105)
قوله (ما يود) نزل حين كان المؤمنون يقولون لليهود آمنوا بالقرآن ومحمد فيقول اليهود ليس ما تدعوننا إليه خيرا «7» مما نحن فيه من التورية ولوددنا كونه خيرا منه فقال الله تكذيبا لهم ما يحب (الذين كفروا من أهل الكتاب) كاليهود والنصاري (ولا المشركين) كأبي سفيان وأمثاله من أهل الشرك (أن ينزل عليكم) أي على رسولكم من الوحي (من خير) أي خير بزيادة من في سياق النفي (من ربكم) «من» فيه لابتداء غاية الإنزال ومحل «أن ينزل» الجملة نصب، مفعول «ما يود» (والله يختص) أي يخص ويختار (برحمته) أي بوحيه ونبوته (من يشاء) أي من كان أهلا ذلك، لأن مشيته باقتضاء الحكمة (والله ذو الفضل) أي صاحب العطاء (العظيم) [105] لمن اختصه بالوحي والرسالة ودين الإسلام.
صفحه ۶۶