[سورة البقرة (2): آية 82]
والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (82)
ثم بشر المطيعين بالجنة فقال (والذين آمنوا) أي صدقوا بالله وبمحمد بقلوبهم (وعملوا الصالحات) أي أدوا الفرائض وانتهوا عن المعاصي (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) [82] أي دائمون لا يموتون ولا يخرجون منها أبدا.
[سورة البقرة (2): آية 83]
وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون (83)
ثم أخبر عن أخذ الميثاق منهم في التورية أن يؤمنوا بمحمد عند بعثه لدعوة الناس إلى الإسلام وهم نقضوا الميثاق بقوله (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل) أي عهدهم في التورية، وقيل: وقت إخراجهم من صلب آدم «1» (لا تعبدون) بالياء غيبة وبالتاء خطابا «2»، أي بأن لا تعبدوا (إلا الله) أو قلنا لهم لا تعبدوا فيكون خبرا في معنى النهي وهو أبلغ من صريح النهي لقصد المسارعة إلى الامتثال، أي لا توحدوا إلا الله (وبالوالدين) أي وأحسنوا بهما (إحسانا) أي برا كثيرا (وذي القربى) مصدر بمعنى القرابة، أي وأحسنوا بصاحب القرابة بحسن الخلق وإيصال النفع إليهم (واليتامى) جمع يتيم، وهو من لا أب له بحسن التربية وحفظ حقوقهم عن الضياع (والمساكين) بحسن القول وإيصال الصدقة إليهم (وقولوا للناس حسنا) بضم الحاء وسكون السين وبفتحهما «3»، أي قولا صدقا في شأن محمد وصفته أو ألينوا بهم «4» القول بحسن المعاشرة وحسن الخلق وامروهم «5» بالمعروف وأنهاهم من المنكر (وأقيموا الصلاة) أي أدوها بمواقيتها (وآتوا الزكاة) المفروضة عليكم في أموالكم فقبلتم تلك بجميعها يا بني إسرائيل (ثم توليتم) أي أعرضتم عن ذلك العهد وعن الإيمان بمحمد عليه السلام (إلا قليلا منكم) وهو عبد الله بن سلام وأصحابه (وأنتم معرضون) [83] أي وعادتكم الإعراض عن الإيمان كاعراض آبائكم والواو هنا «6» ليست للحال لاتحاد التولي والإعراض، والجملة إعتراض للتأكيد في التوبيخ.
[سورة البقرة (2): آية 84]
وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون (84)
ثم أخبر عن أخذ ميثاق آخر على بني إسرائيل ونقضهم ذلك بعده فقال (وإذ أخذنا ميثاقكم) أي عهدكم وإقراركم (لا تسفكون) أي بأن لا تريقوا (دماءكم) يعني لا يريق بعضكم دم بعض، وقيل: إذا قتل رجل غيره فكأنما قتل نفسه لأنه يقتص منه «7» (ولا تخرجون أنفسكم) أي لا يخرج بعضكم بعضا (من دياركم) وفي اقتران الإخراة من الديار «8» بالقتل إيذان على أنه بمنزلة القتل (ثم أقررتم) أي اعترفتم بهذا العهد على أنفسكم (وأنتم تشهدون) [84] أي أنتم اليوم يا معشر اليهود شاهدون على إقرار أسلافكم بهذا الميثاق أو تشهدون أن هذا في التورية.
[سورة البقرة (2): آية 85]
ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون (85)
صفحه ۵۸