لحجر ينتفح ويجري (منه الأنهار) بالماء (وإن منها) أي من الحجارة (لما يشقق) أي لحجر يتصدع (فيخرج منه الماء) أي العيون دون الأنهار (وإن منها لما يهبط) أي لحجر ينزل من رأس الجبل إلى أسفله (من خشية الله) أي من خوفه وقلوبكم لا تخشى ولا تلين يا طائفة اليهود، قيل: هذا على وجه المثل، يعني لو كان له عقل لفعل ذلك «1»، وقيل: يجوز أن يراد به الجبل الذي صار دكا حين كلم الله موسى «2» (وما الله بغافل عن ما تعملون) [74] بالياء والتاء خطابا «3» من القبائح فيجازيكم عليها، ففيه تهديد عظيم لهم.
[سورة البقرة (2): آية 75]
أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون (75)
قوله (أفتطمعون) خطاب للنبي عليه السلام وأصحابه، والاستفهام فيه للتعجيب من طلبهم الإيمان من اليهود المعاندين بتحريف كلام الله أو بتغيير تأويله من بعد فهمهم واستيقانهم كيلا يحزنوا على تكذيبهم القرآن والنبي، أي أتبالغون في دعوتهم إلى الإسلام فتطمعون (أن يؤمنوا لكم) أي يصدقكم اليهود في قولكم ويحدثوا الإيمان (وقد كان فريق منهم) أي طائفة من اليهود في زمان موسى عليه السلام، والواو للحال (يسمعون كلام الله) أي التورية (ثم يحرفونه) أي يغيرون ما فيه من الأحكام كنعت النبي عليه السلام وآية الرجم (من بعد ما عقلوه) أي فهموه واستيقنوه، و«ما» فيه مصدرية (وهم يعلمون) [75] أنهم مفترون بالتحريف، والواو فيه للحال، يعني أنهم من أهل «4» السوء الذين مضوا بالعناد، فلا تطمعوا الإيمان منهم.
[سورة البقرة (2): آية 76]
وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون (76)
ثم أخبر عن حال المنافقين منهم عند ملاقاتهم المؤمنين بقوله (وإذا لقوا) أي اليهود المؤمنون باللسان (الذين آمنوا) بقلوبهم (قالوا آمنا) كايمانكم (وإذا خلا) أي مضى ورجع (بعضهم) وهم الذين لم ينافقوا (إلى بعض) وهم الذين نافقوا، وهم رؤساؤهم (قالوا) منكرين عليهم باللوم والعتاب «5» (أتحدثونهم) أي أتخبرونهم (بما فتح الله) أي بما «6» منه (عليكم) وأعطاكم من العلم بنبوة محمد عليه السلام وصدقه الذي في كتابكم (ليحاجوكم) أي ليخاصمكم أصحاب محمد (به) أي بما فتح الله عليكم في أنه نبي ثابت في كتابكم فيثبت الحجة عليكم (عند ربكم) أي فيحكمه في الدنيا والآخرة (أفلا تعقلون) [76] أن ذلك حجة لهم عليكم، وقيل: لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقريظة: «يا إخوة القردة والخنازير انزلوا من حصنكم»، قالوا بينهم: من أخبر محمدا بهذا ما خرج إلا منكم «7».
[سورة البقرة (2): آية 77]
أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون (77)
ثم استفهم الله تعالى بقوله (أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون) أي يخفون من الكفر في قلوبهم (وما يعلنون) [77] أي يظنون من الإيمان بألسنتهم «8» أو ما يسرون فيما بينهم من القول وما يعلنون مع أصحاب محمد عليه السلام.
[سورة البقرة (2): آية 78]
ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون (78)
قوله (ومنهم أميون) مبتدأ وخبر، إخبار عن عوام اليهود الذين قلدوهم وتابعوهم بالجهل فشاركوهم في
صفحه ۵۶