وفرق آخر: وهو أنه لو توضأ ثم رأى الماء لم ينتقض وضوؤه، ولو تيمم، ثم رأى الماء لا ينتقض تيممه.
فإن قيل: وجدنا العبادة فرضت على الرجل في نفسه، فلمَّا اتفقنا على أنه لا يجب عليه أن يتولى ذلك بنفسه، بل يجوز أن يوضئه، ويغسله غيره، كذلك لا يلزمه أن يقصد بقلبه كما لم يقصده بنفسه.
قيل: هذه دعوى، وأيضًا فإن النية إذا حصلت من جهته وطابقت عمل غيره فيه فكأنَّه هو الذي عمل، وليس كذلك النية؛ لأن النية لا تقع فيها نيابة إلا في مواضع مخصوصة، وهي إذا منع الزكاة فأخذها الإمام أو خرجت عن الصغير أو المجنون.
فإن قاسوا ذلك عليه، إذا توضأ ونوى؛ بعلة أنه غسل الأعضاء بماء طاهر.
قيل: هذا ينتقض إذا كان مجنونًا، على أن العلة في ذلك أنه نوى مع الغسل.
على أننا قد ذكرنا أصولًا آخر، وقسنا عليها، وذكرنا من الترجيحات ما ينبغي أن يرجح به قياسنا، وبالله التوفيق.
وقد روي أن علي بن أبي طالب ﵁ سئل عن رجل اغتسل لجنابة ولم ينو. فقال: يعيد الغسل، ولا يعرف له مخالف فصار كالإجماع.
1 / 133