غزَوت مُبينَ إذ هاجت شقاشقها ... وفي الرُّتَيْنيّ ألفافُ من العرب
فاليوم قَلْحَاحُ لا يَرْغُوا بها جملُ ... والذئبُ لو نَطَحتَهُ الشاة لم يثِبِ
وهي قصيدة طويلة ثم أن الأمير عماد الدين يحيى بن حمزة وأولادهُ اعترفوا بالخطأ واعتذروا إلى مولانا السلطان نور الدين فأّعادَ عليهم حجة والمخلافة وحصونهما. وهكذا شيم الملوك يأخذون قهرًا ويعيدون عفوًا: وفي سنة ٦٣٥ خرج السلطان نفسه قاصدًا مكة المشرفة في ألف فارس وأَطلق لكل جندي يصل إليه من أهل مصر المقيمين في مكة ألف دينار وحصانًا وكسوة. ومال إليهِ كثير من الجند. ثم أَمر الشريف راجح بن قتادة فواجههُ في أثناءِ الطريق. فحمل إليهِ النقارات والكوسات. واستخدم من أصحابه ثلاثمائة فارس. وكان يسايرهُ على الساحل. ثم تقدم إلى مكة: لما تحقق الأمير جبرائيل وصول الملك المنصور بنفسه وأته عيونهً بصحة ذلك وقاربهُ الشريف راجحُ أحرق ما كان معهُ من الحوائج خانة والفرشخانة والأَثقال وتقدَّم نحو الديار المصرية. وكان السلطان يومئذ في السّرِّين. فلم يشعر حتى جاءَهُ نجَّاب من الشريفق: فقال البشارة يا من لا يهزمهُ الأمير جبرائيل وأصحابهُ: فقال له السلطان: من أين جئت فقال: من مكة. قال: ومتى خرجت قال: أمس العصر. فاستبعد السلطان ذلك فقال: ما أَمارة ذلك. فقال هذا الكتاب من الشريف راجح. فعجب السلطان أّشد العجب من مسيرهِ وأَمر المراءَ المماليك أن يرموا ما عليهم على البشير. فأَلقوا عليهِ من ذلك ما أَثقلهُ. وسار السلطان من فوره إلى مكة ودخلها معتمرًا في سنة رجب ٦٣٥.
قال صاحب العقد. اخبرني من أثق به أن مولانا أسلطان نور الدين دخل مكة معتمرًا ثمان سنين. وكل ذلك في غير أيام الحج.
ولما صل الأمير جبرئي إلى المدينة مدينة الرسول ﷺ لقيه الخبر بوفاة السلطان الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب صاحب الديار
1 / 64