إذا لم يكن إلاَّ الأسنَّةُ مركبًا ... فلا رأيَ للمضْطرِ إلا ركوبها
وكان الأمير شمس الدين أحمد بن الإمام مُتغيّر الخاطر من عمه الأمير عماد الدين يحيى بن حمزة في نقضه الذمم والصلح الذي جرى في ذمرْمرَ ولم يمكنهُ التخلي من عمه. فخرج السلطان من محروسه زبيدٍ وقدمَّ تجاههُ الأمير نجم الدين أحمد بن أبي زكريّ ولقيه المشائخ بنو بطين وغيرُهم واستخدم السلطان العساكر وأنفق الخزائن وأَتلف الأموال. فكانت الأكياس تصبُّ بين يديه صبا كما يُصبُّ أعدالُ الطعام: وسار نحو حجَّة والمِخلاَفة في ستين ألف راجل فاستولى على حجة والمخلافة ومخلافيهما في يوم واحد اتفاقًا لم يتفق لأحد قبلهُ ولا بعدهُ. وأنتجت هذه الفعلات على يحيى بن حمزة أخذ السلطان نور الدين جميعَ ما قد كان صالحهم عليه من البلاد العليا. وهي البونُ والإسناد والحسبُ والحاردُ ومطرة. ولما رجع السلطان من سفره المذكور مؤَيدًا منصورًا وصل إليه الأمير جعفر بن أبي هاشم والشيخ حسام الدين حاتم بن علي الجنديُّ من جهة الأشراف فأًصلحوهُ على البلاد التي قد استفتحها لا معارض له فيها. وعاد إلى تهامة. وكان السلطان نور الدين عند مسيرتهِ إلى حجة ومخلافة قد أمر الأمير أسد الدين محمد بن الحسن بالخروج لمنع الأمير شمس الدين أحمد بن عبد الله بن حمزة أن أراد نُصرَة عمه. فخرج الأمير أسد الدين فحط بالجناب. وكان الأمير شمس الدين بالطرف وكان يومُ قارن وهو من مشاهير الأيام العظام.
ولما رجع السلطان نور الدين من غزوتهِ إلى المخلافة قال الأَديبُ جمال الدين محمد بن حميرَ:
هنئت بالنصر لما جئت في لجبٍ ... مظللًا بالرُّدَينيات والقصبِ
ومرحبًا يا رسوليَّ الملوكِ وإن ... غاب السّما كان والجوزاءُ لم تغبِ
1 / 63