(البقرة التي ذبحت كانت لإنسان من بني إسرائيل كان له أب صالح وكانت له عجلة فأتى بالعجلة[33] إلى غيضه فقال: اللهم إني استودعك هذه العجلة لابني حتى يكبر ومات الرجل فسارت العجلة في الغيضة وسارت عوانه وكانت تهرب من كل من رأها فلما كبر الإبن وكان بارا بأمه وكان يقسم الليل أثلاث يصلي ثلث وينام ثلث ويجلس عند رأس أمه ثلث فإذا أصبح انطلق فتحطب على ظهره فيأتي السوق فيعد بما شاء الله ويأكل ويعطي والدته ثلثه فقالت له والدته يوما :إن أباك ورثك عجلة وذهب بها غيضة كذا واستودعها الله العلي فانطلق إليها وادع إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب أن يردها عليك فإن من علاماتها إنك ذا نظرت إليا تخل إليك شعاع الشمس تخرج من جلدها وكانت تسمى المذهبة لحسنها وصفرتها وصفاء لونها فأتى الفتى الغيضة فرآها ترعى فصاح بها وقال : أعزم عليك بإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب فأقبلت تسعى حتى وقفت بين يديه فقبض على عنقها وقادها فتكلمت البقرة وقالت : أيها الفتى البار بوالدته اركبني فإن ذلك هو إليك فقال الفتى : إن أمي لم تأمرني بذلك قالت : خذ بعنقها فقالت البقرة يا له بني إسرائيل لو ركبني ما كنت تقدر علي فانطلق فإنك لو أمرت الحبل أن يقلع من أصله وينطلق معك لفعل لبرك بوالدتك فسار الفتى بها فاستقبله عدو الله إبليس في سورة راعي فقال: أيها الفتى إني رجل من رعاة البقر فاشتقت إلى أهلي فاخذت ثورا من ثيراني فحملت عليه زادي ومتاعي حيثما بلغت بعض الطريق ذهبت لأقضي حاجتي فعدا وسط الجبل وما قدرت عليه وإني اخشى على تفسي الهلاك فإن رأيتنا أن تحملني على بقرتك وتنجيني من الموت وأعطيك أجرها بقرتين مثل بقرتك فلم يفعل الفتى وقال : اذ هب وتوكل على الله فلو علم الله فيك الصدق لبلغك بلا زاد ولا راحلة فقال إبليس: إن شئت فابغيها وإن شئت فاحملني عليها وأعطيك عشرا مثلها فقال الفتى إن أمي لم تأمرني بذلك فبينما الفتى كذلك إذ طار طائر من بين يديه ونفرت البقرة هاربة في الفلاة وغاب الراعي فدعاها الفتى بإله إبراهيم فرجعت إليه البقرة فقالت: أيها الفتى البار بوالدته ألم تر إلى الطائر الذي طار إنه إبليس عدو الله أجلسني أما إنه لو ركبني ما قدرت علي أبدا فلما دعوت إله إبراهيم جاء ملكان فانتزعني من بين يدي إبليس وردني إليك لبرك أمك وطاعتك لها فجاء بها الفتى إلى أمه فقالت له أمه: إنك فقير لا مال لك ويشق عليك الأحطاب بالنهار والقيام والليل فانطلق فبع هذه البقرة وخذ ثمنها فقال : بكم أبيعها ؟ فقالت : بثلاثة دنانير ولا تبعها بغير رضاي ومشورتي وكان ثمن البقرة في ذلك الوقت ثلاثة دنانير فانطلق بها الفتى إلى السوق فبعث الله ملكا ليرى خلقت قدرته فقال له:[34- ]الملائكة بكم تبع هذه البقرة فقال بثلاثة دنانير والشرط عليك رضى والدتي وقال له الملك بتسعة دنانير ولا تستأذن أمك فقال الفتى لو أعطيتني مثلها ذهبا لم ءأخه إلا برضى أمي فردها إلى أمه فقالت : ارجع بستة دنانير على رضى مني فانطلق الفتى بالبقرة إلى السوق إلى الملك فقال: استأمرت والدتك فقال الفتى : إنها أمرتني ألا أنقصها بستة دنانير على أن أستامرها فقال الملك : إني أعطيك اثني عشر دينارا على أن لا تستأمرها فأبى الفتى ورجع إلى أمه يخبرها بذلك فقالت : إن ذلك الرجل الذي يأتيك هو ملك من الملائكة يأتيك في صورة آدمي ليختبرك فإذا أتاك فقال: أتأمرنا أن نبع هذه البقرة أولى ففعل فقال له الملك : اذهب إلى أمك فقل لها أمسكي هذه البقرة فإن موسى بن عمران يشتريها منك لقتيل يقتل من بني إسرائيل فلا تبيعوها إلا بملئ مسكها دنانير فكان ذلك هذه قصة البقرة أوجب ذكرها باسمية السورة بالبقرة) .
صفحه ۵۲