![image filename](./1171Shubrawi.CunwanBayan.pdf_page_143.png)
ففعلا، وبات مفؤض مفكرا فى فلك، وجعل ظالم يتأمل مسكن مفؤض، فرأى من سعته وطيب ثربته وحصانته وكثرةآ مرافقه ما اشتد إعجائه به وحرضه عليه، وشرع يدبر في غصبه وطره مفؤض منه.
وفي الحكم : اللئيم كالنار، إكرامآها إضرامها، وكالخمر، حبيبها سلييها، وتبيعها(1) صريعها.
فلما أصبحا قال مفؤض لظالم إني رأيث ذلك الجحر بموضع بعيد من الشجر والخير(2)، فاصر نفسك عنه، وهلم أعنك(3) على حفر مسكن قريب من جحري هذا، فإن هذه الأرض خصبة متيسرة المرافق.
فقال له ظالم : إن ذلك لا يمكنني؛ لأن نفسي تهلك لئعد الوطن حنينا ، ولا تملك لفقه المسكن سكوتا .
فلما سمع مفؤض مقالة ظالم، وما تظاهر به من الغربة في وطنه، قال اله: إني أرى أن نذهب يومنا هذا فنحتطب حطبا ، ونربط منه حزمتين، فإذا أقبل الليل انطلقت أنا إلى بعض هذ الخيام، فأتيت بقيس نار، واحتملنا الحطب والقيس، وقصدنا إلى مسكنك، فجعلنا الحزمتين على بايه، وأضرمناهما نارا، فإن خرجت الحية احترقت، وإن لزمتي الجحر أملكها الدخان، فقال ظالم : نعم الرأي هذا.
فانطلقا، فاحتطبا وربطا من الحطب خزمتين بقدر ما يطيقان حمله، ولما جاء الليل وأقبل، وأوقد أهل الخيام النار، انطلق مفؤض ليأخد قبسا، فعمد ظالمم إلى إحدى الحزمتين فأزالها إلى موضع غيبها فيه، ثم جر الحزمة الأخرى إلى باب مسكن مفؤض، ودخله وجدبها إليه فأدخلها في الباب، فسده بها، وقدر فى نفسه أن مفؤضا إذا أتى الجحر لم يمكنه الدخول إليه، لحصانته، ولأن بابه مسدود بالحطب سدا محكما، وأكثر ما
صفحه ۱۴۱