63 ... المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره وقصد البيت الحرام بوجهه فله كلام أهل السماء، ففعله يعرب بن قحطان فقيل له يا يعرب بن قحطان بن هود: أنت هو، فكان أول من تكلم بالعربية، ولم يزل المنادي ينادي من فعل كذا وكذا فله كذا حتى افتقروا اثنين وثلاثين ثسانا، وانقطع الصوت وثبلبلت الألسن فسميت بابل، وكان اللسان يومئذ بلغتهم بابل، وهبطت الملائكة من السماء؟ ملائكة الخير والشر وملائكة الحياة والايمان، وملائكة الصحة، وملائكة الشقاء، وملائكة الغنى، وملائكة السيف، وملائكة البأس، حتى انتهوا إلى العراق.
وقال بعضهم لبعض: افترقوا.
فقال ملك الايمان: أنا أسكن المدينة فقال ملك الحياء وأنا معك، فاجتمعت الأمة على الايمان والحياء ببلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ملك الشقاء أنا أسكن البادية، فقال ملك الصحة وأنا معك، فأجمعت الأمة على أن الشقاء والصحة في الاعراب, وقال ملك الجفاء: أنا أسكن البربر، فقال ملك الجهل وأنا معك، فأجمعت الأمة على أن الجهل والجفاء في البربر.
وقال ملك السيف: أنا أسكن الشام فقال ملك البأس وأنا معك، وقال ملك الغنى: أنا أقيم ها هنا، فقال ملك المروءة وأنا معك، فقال ملك الشرف: وأنا معك، فاكتمع الغنى والمروءة والشرف بالعراق.
البارة والبرة: من قولهم: رجل ابر وامرأة بارة وبرة أي كثيرة البر، وهو الاتساع في الاحسان، ورجل بار بأبويه محسن إليهما.
وقال بعضهم، البر بالفتح من تتوالى منه أعمال البر، وامرأة برة.
إذا كانت متفضلة على أهلها بالاحسان وحسن العشرة، ولها سميت المدينة بهما لبرها إلى أهلها خصوصا وإلى جميع العالم عموما، وبرها إلى أهلها من وجوه.
منها كثرة المياه بآبارها ومسائل أوديتها وأنهارها، ثم بعذوبة مائها، وقرب رشائها، وحسن بنائها، ورواج روائها، وانصلاح هوائها، وسعة فنائها، وحلول ترابها من العلل محل كثرة منازلها ومرافعها وأسقاف بساتينها وحدائقها ...
صفحه ۶۳