Critiquing the Foundations of the Rationalists

Suleiman Al-Kharashi d. 1443 AH
164

Critiquing the Foundations of the Rationalists

نقض أصول العقلانيين

ناشر

دار علوم السنة

ژانرها

الوجه التاسع عشر: أن يقال: كون الدليل عقليًا أو سمعيًا ليس هو صفة تقتضي مدحًا ولا ذمًا، ولا صحة ولا فسادًا، بل ذلك يبين الطريق الذي به علم، وهو السمع أو العقل، وإن كان السمع لابد معه من العقل، وكذلك كونه عقليًا أو نقليًا، وأما كونه شرعيًا فلا يقابل بكونه عقليًا، وإنما يقابل بكونه بدعيًا: إذ البدعة تقابل الشرّعة، وكونه شرعيًا صفة مدح، وكونه بدعيًا صفة ذم، وما خالف الشريعة فهو باطل. ثم الشرعي قد يكون سمعيًا وقد يكون عقليًا، فإن كون الدليل شرعيًا يراد به كون الشرع أثبته ودل عليه، ويراد به كون الشرع أباحه وأذن فيه، فإذا أريد بالشرعي ما أثبته الشرع، فإما أن يكون معلومًا بالعقل أيضًا، ولكن الشرع نبه عليه ودل عليه، فيكون شرعيًا عقليًا. وهذا كالأدلة التي نبه الله تعالى عليها في كتابه العزيز، من الأمثال المضروبة وغيرها الدالة على توحيده وصدق رسله وإثبات صفاته وعلى المعاد، فتلك كلها أدلة عقلية يعلم صحتها بالعقل، وهي براهين ومقاييس عقلية، وهي مع ذلك شرعية. وإما أن يكون الدليل الشرعي لا يعلم إلا بمجرد خبر الصادق، فإنه إذا أخبر بما لا يعلم إلا بخبره كان ذلك شرعيًا سمعيًا. وكثير من أهل الكلام يظن أن الأدلة الشرعية منحصرة في خبر الصادق فقط، وأن الكتاب والسنة لا يدلان إلا من هذا الوجه. ولهذا يجعلون أصول الدين نوعين: العقليات، والسمعيات، ويجعلون القسم الأول مما لا يعلم بالكتاب والسنة. وهذا غلط منهم، بل القرآن دل على الأدلة العقلية وبيّنها ونبّه عليها، وإن كان من الأدلة العقلية ما يعلم بالعيان ولوازمه، كما قال تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحقْ أو لم يكفِ بربك أنه على كل شيءٍ شهيد) . وأما إذا أريد بالشرعي ما أباحه الشرع وأذن فيه، فدخل في ذلك ما أخبر به الصادق، وما دل عليه ونبه عليه القرآن، وما دلت عليه وشهدت به الموجودات.

4 / 32