Commentary on Sunan an-Nasa'i - Al-Rajhi
شرح سنن النسائي - الراجحي
ژانرها
شرح حديث علي في صفة وضوء رسول الله
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: صفة الوضوء.
أخبرنا إبراهيم بن الحسن المقسمي قال: أنبأنا حجاج قال: قال ابن جريج: حدثني شيبة أن محمد بن علي أخبره قال: أخبرني أبي علي أن الحسين بن علي قال: (دعاني أبي علي بوضوء فقربته له، فبدأ فغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في وضوئه، ثم مضمض ثلاثًا واستنثر ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم اليسرى كذلك، ثم مسح برأسه مسحة واحدة، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثًا، ثم اليسرى كذلك، ثم قام قائمًا فقال: ناولني.
فناولته الإناء الذي فيه فضل وضوئه فشرب من فضل وضوئه قائمًا، فعجبت، فلما رآني قال: لا تعجب؛ فإني رأيت أباك النبي ﷺ يصنع مثل ما رأيتني صنعت -يقول: لوضوئه هذا-، وشرب فضل وضوئه)].
هذا أكمل الوضوء، وهو غسل كل عضو ثلاثًا، وغسل الكفين ثلاثًا قبل الوضوء، وهو مستحب إلا من نوم الليل فيتأكد؛ لأن النبي ﷺ أمر به، والقول بالوجوب قول قوي؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب، وإن كان الجمهور يرون أنه للاستحباب.
وفي هذه الأحاديث كلها المضمضة والاستنشاق، وأن النبي ﷺ حافظ عليهما، فدل على وجوبهما، خلافًا لمن قال: إنهما ليسا واجبين.
وفيه أنه شرب فضل وضوئه قائمًا، ففيه بيان الجواز.
وفيه أن الماء الذي يتوضأ به الإنسان يبقى طاهرًا، فيستعمل في الشرب وفي الأكل وفي التطهير، وفيه جواز الشرب قائمًا، كما فعل علي ﵁، وإن كان الشرب قاعدًا أفضل وأهنأ وأمرأ، فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي ﷺ في حجة الوداع تناول دلوًا من زمزم فشرب وهو قائم، وهذا يدل على الجواز، وقد ثبت في الحديث الآخر: (أن النبي ﷺ نهى عن الشرب قائمًا) وشرب قائمًا، فدل على أن النهي ليس للتحريم.
والقاعدة أن النبي ﷺ إذا نهى عن شيء ثم فعله فإن فعله يدل على أن النهي للتنزيه، فالشرب قاعدًا أفضل، والشرب قائمًا جائز؛ كما يدل عليه حديث علي هذا، وحديث فعله ﵊ في حجة الوداع، خلافًا لما قرره العلامة ابن القيم ﵀ من تحريم الشرب قائمًا كما في زاد المعاد، فالعلماء لهم أقوال في هذا، لكن الصواب أنه ليس حرامًا، وإنما هو جائز.
ولا يقال بأن ذلك كان خاصًا بالنبي ﷺ؛ فالخصوصية تحتاج إلى دليل.
6 / 9