Commentary on Sunan an-Nasa'i - Al-Rajhi
شرح سنن النسائي - الراجحي
ژانرها
شرح سنن النسائي_كتاب الطهارة [١]
سنن النسائي من أمهات وعمدة كتب الحديث، وهي إحدى الكتب الستة المعتمدة والمشهورة عند المسلمين، وتسمى بالمجتبى والمجتنى، وقد اختصرها النسائي من كتابه السنن الكبرى عندما طلب منه بعض الأمراء ذلك، وهي تلي الصحيحين من حيث الصحة، فقد كان النسائي مقتنيًا بالحديث، ومدققًا فيه، ومنقحًا له.
1 / 1
الأمر بغسل اليدين ثلاثًا عند الاستيقاظ من نوم الليل
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: قال الإمام النسائي رحمه الله تعالى: [تأويل قوله ﷿: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة:٦].
أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ﵁ أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في وضوئه حتى يغسلها ثلاثًا؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده)].
1 / 2
التعريف بسنن النسائي وذكر منهجه فيها
كتاب النسائي أحد الكتب الستة التي جمعت فيها أحاديث النبي ﷺ، فالكتب الستة مع مسند الإمام أحمد ومع الزوائد التي جمعت، قد جمعت السنة كلها، ولم يشذ عنها إلا القليل، وكتاب النسائي هذا كتاب عظيم من الكتب الستة المعروفة عند أهل العلم، وهذا الكتاب يأتي في مقدمة السنن الأربع من جهة الصحة، فمن العلماء من قدمه وجعله بعد الصحيحين، وبعض المغاربة قدمه على صحيح مسلم، وقال بعضهم: إن للنسائي شرطًا في الرجال أشد من شرط مسلم؛ لأنه اشترط ألا يروى في كتابه عن راو أجمع العلماء على تركه.
والصواب: أن الصحيحين مقدمان عليه، ثم يليها سنن أبي داود أو النسائي على خلاف بين أهل العلم.
فمنهم من جعل سنن النسائي تلي الصحيحين.
والنسائي معروف شيوخه، فهو لا يروي في الغالب إلا عن شيخ ثقة أو صدوق على الأقل، فشيوخ النسائي كلهم ثقات في الغالب، والضعف إنما يكون فيما بعده.
والنسائي ﵀ جمع بين طريقتي البخاري ومسلم، فأخذ طريقة البخاري في التراجم، وكثرتها، واستنباط الأحكام.
وبين طريقة مسلم في سياق الطرق كلها في مكان واحد، فجمع بين الطريقتين، فله الميزتان: العناية بالتراجم كما فعل البخاري، والعناية بجمع الطرق.
فبدأ بالصلاة؛ لأن الصلاة هي أفرض الفرائض، وأوجب الواجبات بعد توحيد الله ﷿، على طريقة المتأخرين، فلم يذكر مقدمة، أو ما يتعلق بالتوحيد، على طريقة المتأخرين في جعل كتب خاصة للتوحيد وأصول الدين، ولهذا بدأ كتابه الطهارة؛ لأنها مفتاح الصلاة، والصلاة هي أفرض الفرائض وأوجب الواجبات بعد توحيد الله ﷿.
وهذا الكتاب يسمى: المجتبى أو المجتنى.
1 / 3
سبب تأليف النسائي للسنن
وقد انتخبه من كتابه السنن الكبرى، لما سأله بعض الأمراء عن كتابه السنن الكبرى هل كل ما فيه صحيح؟ فقال: لا.
فطلب منه أن ينتخب منه ما هو صحيح، يعني: في الغالب.
والنسائي منسوب إلى بلدة نساء في الشرق، وسميت نساء؛ لأن أهلها لما قدم المسلمون لفتحها هرب الرجال ولم يبق إلا النساء، فلما جاءوا قالوا: ليس هناك إلا نساء، فنؤخر أمرهم حتى يأتي الرجال، فسميت نساء.
1 / 4
شرح حديث غسل اليدين ثلاثًا عند الاستيقاظ من النوم
هذا الحديث وهو قول النبي ﷺ: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في وضوئه حتى يغسلها ثلاثًاَ؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) متفق عليه، أي: رواه الشيخان.
وفيه الأمر بغسل اليدين ثلاثًا قبل غمسهما في إناء الوضوء وقبل الوضوء، وهذا أمر ونهي: (لا يغمس يده في الإناء في وضوئه حتى يغسلها ثلاثًا)، وهو للوجوب فيجب على المسلم إذا استيقظ من نومه من الليل أن يغسلها ثلاثًا.
وهذا مخصص بنوم الليل فقط؛ لقول النبي ﷺ: (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده)، والبيتوتة إنما تكون في الليل، وأما في النهار فإنه يستحب أن يغسلها ثلاثًا قبل الوضوء.
وأما إذا استيقظ من نوم الليل فإنه يجب.
1 / 5
مذاهب العلماء في هذه المسألة
اختلف العلماء إذا غمس يديه قبل أن يغسلها هل ينجس الماء أو لا ينجس؟ فذهب بعض العلماء إلى: أنه ينجس.
وقالوا: إن النبي ﷺ أمر بغسلهما؛ لأنه قد يكون فيهما شيء من النجاسة ولاسيما أهل الحجاز؛ لأن بلادهم حارة، وكانوا يستجمرون بالحجارة، ولا يغسلون أدبارهم، فربما وقعت يده في دبره فأصابه شيء من النجاسة، أو ربما أصاب يده شيء من الحشرات وما أشبهها والتي قد يخرج منها شيء من الدم.
ولذلك أوجب النبي ﷺ الغسل.
فقالوا: إنه ينجس الماء إذا غمس يده فيه؛ لأنه قليل، والماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة.
والصواب: أن الماء لا ينجس إذا غمس يده فيه إلا إذا كان في يده نجاسة ثم غمسها، ولكنه يأثم؛ لأنه خالف الأمر والنهي، ويبقى الماء طاهرًا، والوضوء صحيح.
ولكنه يأثم حيث خالف الإرشاد النبوي، وخالف نهي النبي ﷺ القائل: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في وضوئه).
وقوله: (وضوئه) بفتح الواو، وهو الماء الذي يتوضأ به، وأما الوضوء بالضم فهو الفعل، أي: فعل الوضوء.
وهذا هو الأرجح أن الوضوء بالضم: الفعل، والوضوء بالفتح هو: الماء الذي يتوضأ به.
(حتى يغسلها ثلاثًا).
وكذلك إذا كان يتوضأ من الصنبور فإنه يغسل يديه ثلاثًا قبل أن يتوضأ، ويراعي عدم الإسراف.
والمقصود: أن الحديث يدل على وجوب غسل اليدين ثلاثًا عند الاستيقاظ من نوم الليل قبل الوضوء، وأما في غير نوم الليل فإنه يستحب، وإذا لم يفعل ذلك فإنه قد أساء، وعليه التوبة من مخالفة أمر النبي ﷺ ونهيه، ووضوءه صحيح.
1 / 6
السواك إذا قام الإنسان من الليل
1 / 7
شرح حديث: (كان رسول الله إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك)
قال المؤلف ﵀: [باب السواك إذا قام من الليل.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وقتيبة بن سعيد عن جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة ﵁ قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك)].
فيه مشروعية السواك عند القيام لصلاة الليل.
ومعنى يشوص: يدلك.
فدلك الفم بالسواك إذا قام من الليل مستحب.
والسواك مستحب في كل وقت، ولكنه يتأكد عند الصلاة، وعند الوضوء، وعند دخول المنزل، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند تغير رائحة الفم، ففي هذه المواضع يتأكد السواك، وإن كان مستحبًا في كل وقت.
1 / 8
فوائد السواك
ويقول ﷺ في الحديث الآخر: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب).
فالسواك فيه فوائد ومصالح عظيمة، وقد استنبط منه بعض أهل العلم فوائد متعددة تزيد على مائة فائدة، ومنها: أنه يذكر بالشهادة عند الموت، ومنها: أنه يطهر الفم والأسنان ويزيل الرائحة، فهو مستحب.
1 / 9
ذكر بعض المواطن التي يستحب فيها الاستياك
وفي الحديث الآخر يقول النبي ﷺ: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، يعني: لأمرتهم أمر إيجاب وإلا فقد أمرهم ندبًا ﵊.
ولقد تسوك النبي ﷺ كما جاء وهو في آخر حياته، فلما جاءه عبد الرحمن أبي بكر ومعه سواك نظر إليه النبي ﷺ، كما جاء في الحديث عن عائشة ﵂، ففهمت عائشة ﵂ معنى نظر النبي ﷺ، فقالت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فأخذته وقضمته وطيبته ولينته، ثم أعطته النبي ﷺ، فتسوك به ﵊.
فالسواك مشروع ومستحب في كل وقت، ولكنه يتأكد عند القيام من النوم والانتباه منه، وعند الصلاة، وعند الوضوء، وعند دخول المنزل.
وفي هذا الحديث أن النبي ﷺ: (كان يشوص فاه إذا قام من نوم الليل) أي: يدلكه؛ لأنه عند الاستيقاظ من النوم تكون رائحة الفم متغيرة، فيشرع التسوك.
1 / 10
كيف يتسوك الإنسان
قال المؤلف ﵀: [باب كيف يستاك.
أخبرنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا حماد بن زيد قال: أخبرنا غيلان بن جرير عن أبي برده عن أبي موسى ﵁ قال: (دخلت على رسول الله ﷺ وهو يستن وطرف السواك على لسانه، وهو يقول: عأ عأ).
بتقديم العين المفتوحة على الهمز الساكنة، فكأنه ذهب شيء من طرف السواك إلى حلقه.
وهذا فيه: بيان كيف يستاك، وأن النبي استاك على طرف اللسان، ومن حبه ﷺ للسواك فقد ذهب شيء من طرف السواك إلى حلقه وجعل يقول: عأ عأ، يتهوع.
ففيه أنه: يستاك على طرف اللسان، ويدلك الأسنان طولًا أو عرضًا.
فبعضهم قال: طولًا من الأسفل إلى الأعلى.
وبعضهم قال: عرضًا.
والمقصود: أن يستاك على طرف اللسان، وعلى الأسنان.
وحدثنا وأخبرنا عند بعضهم بمعنى واحد، ومنهم من فرق بينهما كالإمام مسلم ﵀، فإن له عناية في التفريق بين صيغ التحديث.
1 / 11
حكم استياك الإمام بحضرة رعيته
قال المؤلف ﵀: [باب: هل يستاك الإمام بحضرة رعيته؟ أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى وهو ابن سعيد قال: حدثنا قرة بن خالد قال: حدثنا حميد بن هلال قال: حدثني أبو بردة عن أبي موسى ﵁ قال: (أقبلت إلى النبي ﷺ ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري، ورسول الله ﷺ يستاك، فكلاهما سأل العمل، قلت: والذي بعثك بالحق نبيًا ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل، فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت، فقال: إنا لا أو لن نستعين على العمل من أراده، ولكن اذهب أنت فبعثه على اليمن، ثم أردفه معاذ بن جبل ﵄].
وهذا فيه بيان أن النبي ﷺ استاك بحضرة رعيته، وأن طرف السواك تحت شفته.
وفيه: أنه يستاك تحت الشفاه واللسان، وعلى اللثة وعلى الأسنان.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه.
وفيه: أن أبا موسى الأشعري ﵁ جاء ومعه رجلان من قومه من الأشعريين، فلما جاء إلى النبي ﷺ كلاهما طلب العمل، يعني: طلب الوظيفة.
فكل منهما قال: يا رسول الله ولني، يعني: اجعلني على عمل.
فقال النبي ﷺ: (إنا لن نستعين أو لا نستعين على العمل بأحد طلبه)، وفي اللفظ الآخر: (فإنا لا نولي هذا الأمر أحدًا طلبه أو حرص عليه) فاعتذر أبو موسى ﵁ وقال: يا رسول والله ما أطلعاني على ما في أنفسهم.
أي: ما أخبراني أنهما سيسألان العمل.
ثم ولى أبا موسى الأشعري ولم يولهما؛ لأن أبا موسى لم يطلب العمل وهما طلبا، فلم يولي من طلبه.
وفي اللفظ الآخر: (إنا لا نولي هذا الأمر أحدًا طلبه أو حرص عليه)؛ وذلك لأن الغالب أن من طلب العمل أو حرص عليه فإنه يكون متساهلًا في الغالب، وليس للعمل أهمية أو عناية عنده، فلا يبالي، وذلك بخلاف الإنسان الذي لا يطلبه أو يلزم به، فإنه في الغالب لم يمتنع ويتأخر إلا لورع في نفسه، فمن ورعه لم يطلب العمل.
فيولى هذا العمل؛ لأنه ورع، فإذا ولي العمل استعان بالله وأداه، وأما الإنسان الذي يطلب العمل فأنه يكون متساهلًا في الغالب؛ ولهذا قال النبي ﷺ: (إنا لا نولي هذا الأمر أحدًا طلبه أو حرص عليه)، فلما طلب هذان الأشعريان العمل لم يولهما النبي ﷺ، وإنما ولى أبا موسى؛ لأنه سكت ولم يطلب العمل، وقال له: اذهب أنت، وأرسله إلى اليمن، ثم أردفه بـ معاذ بن جبل، وجعل كل واحد منهما على مخلاف، وقد كان في اليمن مخلافان، كما يقال الآن: الشمال والجنوب، فأرسلهما معلمين وقاضيين ومفتيين.
وظاهر الحديث العموم، فمن طلب الإمارة فلا يؤمر؛ لأن الإمارة أشد، ويستثنى من هذا إذا كان هذا الإنسان أهلًا للعمل، ورأى أن فيه أهلية ذلك وأن غيره لا يسد مسده، أو لا يوجد أحد غيره، كما أخبر الله عن يوسف أنه قال: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف:٥٥]، وكما ثبت عن عثمان بن أبي العاص أنه قال: (يا رسول الله! اجعلني إمام قومي قال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم) فإذا كان عند الإنسان أهلية ويرى في نفسه الكفاية فيستثنى في هذه الحالة جمعًا بين النصوص.
وأما إذا كان هذا الإنسان عنده ضعف فلا ينبغي له أن يطلبها، ولهذا قال النبي ﷺ لـ أبي ذر: (يا أبا ذر! إني أحب لك ما أحب لنفسي، وإني أراك ضعيفًا، فلا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم).
1 / 12
الترغيب في السواك
قال المؤلف ﵀: [باب: الترغيب في السواك.
أخبرنا حميد بن مسعدة ومحمد بن عبد الأعلى عن يزيد وهو ابن زريع قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي عتيق قال: حدثني أبي قال: سمعت عائشة ﵂ عن النبي ﷺ قال: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب)].
وهذا فيه: بيان فضل السواك، وأن فيه هاتين الفائدتين، وهما: أنه: مطهرة للفم، أي: ينقي الفم، ويطهره من الرائحة، ومما يعلق به.
والثانية: أنه مرضاة للرب.
وهاتان فائدتان عظيمتان، الأولى: أنه طيب النكهة، ومطهر للفم.
والثانية: أنه مرضاة للرب.
1 / 13
الإكثار في السواك
1 / 14
شرح حديث: (قد أكثرت عليكم في السواك)
قال المؤلف ﵀: [باب: الإكثار في السواك.
أخبرنا حميد بن مسعدة وعمران بن موسى قالا: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (قد أكثرت عليكم في السواك)].
وذلك لما فيه الفوائد والفضائل العظيمة، فأكثر عليهم استحبابًا لا إيجابًا؛ لأنه مستحب وليس بواجب، وهو سنة، وإذا اشتراه لفعل السنة فهذا مطلوب، فالتسوك سنة، وأما الشراء فهو وسيلة، والوسيلة إلى السنة لها حكم الغاية.
1 / 15
الرخصة في السواك بالعشي للصائم
1 / 16
شرح حديث: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)
قال المؤلف ﵀: [الرخصة في السواك بالعشي للصائم.
أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)].
يعني: (لأمرتهم) أمر إيجاب، وإلا فقد أمرهم أمر استحباب ﵊.
وهذه الترجمة من دقائق الإمام النسائي ﵀: السواك بالعشي للصائم، وقد قصد بذلك الرد على من قال: إن السواك يكره في آخر النهار للصائم؛ لأنه يزيل الرائحة، وفي هذا حديث ضعيف: (إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي)، والغداة: أول النهار، وذهب إلى الكراهة الحنابلة وجماعة، فقالوا: إنه يكره للصائم أن يستاك في آخر النهار بعد الزوال، واختلفوا متى يكون وقت الكراهة، فمنهم من قال: إذا أذن الظهر يكره الاستياك، ومنهم من قال: بعد الصلاة، وقالوا: إن كراهة الاستياك تبقى إلى آخر نهار الصوم؛ لأنه يزيل الرائحة التي تنبعث من المعدة.
وهذه الرائحة التي تنبعث من معدة الصائم وإن كانت مستكرهة في مشام الناس في الدنيا إلا أنها عند الله أطيب من ريح المسك، فقد جاء في الحديث: (وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) وقالوا: إنه إذا استاك في آخر النهار فإنه يزيل الرائحة فيكره واحتجوا بهذا الحديث: (إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي) والصواب: أنه حديث ضعيف لا يحتج به، وهذه الرائحة لا يزيلها السواك؛ لأن هذه الرائحة منبعثة بسبب خلو المعدة من الطعام، فتبقى هذه الرائحة موجودة سواء استاك أو لم يستاك، فالصواب: أنه يشرع ويستحب للصائم أن يستاك في أول النهار وفي آخره، عملًا بهذا الحديث: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل الصلاة) فإنه لم يخصصه بقوله: إلا في العشي بالنسبة للصائم، أو في آخر اليوم للصائم وإنما ورد عامًا، ولهذا ترجم الإمام النسائي ﵀ بهذه الترجمة: [الرخصة في السواك بالعشي للصائم]، وقصده من ذلك: الرد على من قال: إنه يكره التسوك في آخر النهار في الصيام.
1 / 17
السواك في كل حين
1 / 18
شرح حديث عائشة في ابتداء النبي بالسواك عند دخوله البيت
قال المؤلف ﵀: [السواك في كل حين.
أخبرنا على بن خشرم قال: حدثنا عيسى وهو ابن يونس عن مسعر عن المقدام وهو ابن شريح عن أبيه ﵁ قال: (قلت لـ عائشة بأي شيء كان يبدأ النبي ﷺ إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك)].
وفي هذا مشروعية السواك عند دخول البيت وفي كل حين كما ترجم له المؤلف ﵀، فقد وصى النبي ﷺ بالسواك في كل حين، إلا في الصلاة، وفي حال سماع خطبة الجمعة، فلا ينبغي للمسلم أن يتسوك إذا دخل في الصلاة؛ لأن هذا من العبث، وكذلك إذا كان الإمام يخطب يوم الجمعة، وما عدا ذلك فالسواك مشروع في كل وقت وحين، ويتأكد عند دخول البيت، كما كان النبي ﷺ يفعل.
1 / 19
ما جاء في الختان
1 / 20